(قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (١٥))
(قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أو الرسول لا يكون من الآدميين (وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ) على بشر (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) [١٥] أنكم رسل الله.
(قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦))
(قالُوا) أي الرسل (رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) [١٦] أرسلنا عيسى بأمر الله تعالى ، قوله (رَبُّنا يَعْلَمُ) جار مجرى القسم في التوكيد ، وكذلك علم الله وشهد الله ، وزيد اللام في (لَمُرْسَلُونَ) دون الأول ، لأنه جواب إنكار والأول ابتداء إخبار.
(وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٧))
(وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) [١٧] أي التبليغ الظاهر المكشوف بالآيات الشاهدة على صحته.
(قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨) قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (١٩))
(قالُوا) أي قال (١) أهل أنطاكية (إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ) أي تشأمنا لحبس المطر عنا بسببكم (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا) عن مقالتكم (لَنَرْجُمَنَّكُمْ) أي لنقتلنكم بالحجارة (وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ [١٨] قالُوا) أي الرسل (طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) أي شؤمكم وهو كفركم ومعاصيكم معكم ، وقيل : ما أصابكم مكتوب في أعناقكم (٢)(أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) بهمزتين استفهام وشرط ، وبهمزة واحدة مع الكسر (٣) ، أي ائن وعظتم بالله تشأمتم بنا أو كفرتم بالله (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) [١٩] أي مشركون به تعالى أو متمادون في ضلالتهم حيث تشأمون برسل الله.
(وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١) وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢))
(وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) أي من أوساطها (رَجُلٌ) وهو حبيب النجار (يَسْعى) أي يشتد عدوا ليعلم الرسل أن أهلها أرادوا قتلهم ثم (قالَ) أي حبيب (٤) لقومه (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) [٢٠] أي دينهم ثم قال حبيب للرسل : هل تسألون على هذا (٥) الإنذار أجرا؟ قالوا : لا فقال لقومه (اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً) على الإنذار والإيمان (وَهُمْ مُهْتَدُونَ [٢١]) أي هم في دين الحق ينبغي أن تتبوعوه ، فقالوا له تبرأت عن ديننا واتعبت دين غيرنا وكان حبيب يكتم إيمانه ، فقال لهم عاتبا على نفسه وناصحا لها وهو يريد نصحهم بالتلطف والمداراة لأنه أدخل في إمخاض النصيحة حيث لا يريد لهم إلا ما يريد لنفسه (وَما لِيَ) بسكون الياء وبالفتح (٦) ، أي أي شيء كان لي (لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) أي خلقني للعباد (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [٢٢] بعد الموت فيجازيكم ، فوضع
__________________
(١) قال ، و : ـ ح ي.
(٢) هذا مأخوذ عن السمرقندي ، ٣ / ٩٧.
(٣) «أئن» : قرأ أبو جعفر بفتح الهمزة الثانية وتسهيلها وإدخال ألف بينها وبين الأولى على أصله ، والباقون بكسرها ، وكل على أصله في التسهيل وغيره ، فقالون وأبو عمرو بالتسهيل مع الإدخال ، وورش والمكي ورويس بالتسهيل من غير إدخال وهشام بالتحقيق مع الإدخال وتركه ، والباقون بالتحقيق من غير إدخال. البدور الزاهرة ، ٢٦٥.
(٤) أي حبيب ، و : ـ ح ي.
(٥) هذا ، ح و : ـ ي.
(٦) «وَما لِيَ» : أسكن الياء في الحالين حمزة وخلف ويعقوب وفتحها غيرهم وصلا وأسكنها وقفا. البدور الزاهرة ، ٢٦٥.