وهي الجنة أو للإضافة ، بل لالتقاء الساكنين ، ف (الْحُسْنى) بدل من (جَزاءً) المبتدأ و (لَهُ) خبره ، وبنصبه منونا (١) ف (الْحُسْنى) مبتدأ و (لَهُ) خبره ، و (جَزاءً) مصدر فعل محذوف ، أي يجزى به جزاء في موضع الحال من ضمير (آمَنَ) ، وقيل : معناه : له الخلال الحسنى يجازى بها جزاء أو له جزاء الفعلة الحسنى بالإضافة ، وهي كلمة الشهادة (٢)(وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) [٨٨] أي أمرا ذا يسر ، يعني لا نأمر بما يصعب عليه بل بما يسهل.
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٨٩) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً (٩٠))
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) [٨٩] أي سار ذو القرنين طريقا نحو المشرق (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ) أي موضع طلوعها (وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ) قيل : «هم الزنج» (٣)(لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها) أي أمام الشمس (سِتْراً) [٩٠] أي بناء يحصنهم من حرها ، لأن أرضهم لا تحمل الأبنية ولهم سروب يدخلونها عند طلوع الشمس ، فاذا ارتفع النهار (٤) خرجوا إلى معاشهم في ساحل البحر يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضج لهم ، وقيل : الستر اللباس (٥) ، أي لا يلبسون اللباس من حر الشمس ، وهم أكثر من جميع أهل الأرض ، قيل : «هم قوم عراة يفترش أحدهم إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى» (٦).
(كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً (٩١))
(كَذلِكَ) أي أمر ذي القرنين كما وصفناه تعظيما لأمره فهو خبر مبتدأ محذوف ، وقيل : معنى (كَذلِكَ) لن نجعل لهم سترا كما جعلنا لكم سترا من الحصون والجبال والأبنية والثياب (٧) ، فعلى هذا هو صفة موصوف مذكور قبله ، أي سترا مثل ذلك الستر (وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ) أي لدى ذي القرنين من الجند والآلات وأسباب الملك (خُبْراً) [٩١] أي علما ، تمييز ، وقيل : مصدر من غير لفظ فعله (٨) ، أي أخبرناه خبرا ذكره تكثيرا لذلك.
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٩٢) حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (٩٣))
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) [٩٢] أي أخذ طريقا (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) بضم السين وفتحها (٩) ، أي طرفي الجبلين بمنقطع بلاد الترك سد ذو القرنين ما بينهما السد ، بالفتح عمل الإنسان ، وبالضم خلق الله تعالى ، وقيل : معناهما واحد (١٠) ، و (بَيْنَ) نصب ، بأنه اسم ، مفعول به لقوله (بَلَغَ) ، لأنه من الظروف المستعملة أسماء وظروفا (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما) أي من قبلهم (قَوْماً) من الترك (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) [٩٣] أي لا يفهمون كلام أحد ، لأن لغتهم مجهولة وقرئ «لا يفقهون» بضم الياء وكسر القاف أيضا (١١) ، أي لا يفقهون غيرهم قولا إلا بمشقة من إشارة ونحوها ، لأنهم كالبكم أو بالترجمان بينه وبينهم.
__________________
(١) «فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى» : قرأ حفص والأخوان ويعقوب وخلف بفتح الهمزة منونة مع كسر التنوين وصلا للساكن ، والباقون بالرفع من غير تنوين ولحمزة عن الوقف تسهيل الهمزة مع المد والقصر مثل بناء ودعاء ولهشام عند الوقف إبدال الهمزة ألفا مع القصر والتوسط والمد ثم تسهيلها بالروم مع المد والقصر وله إبدالها واوا خالصة مع القصر والتوسط والمد وكل منها مع السكون المحض والإشمام وله القصر مع الروم وهذا على القول برسمها بواو وأما على القول بعدم رسمها على واو فلا يكون له إلا خمسة القياس. البدور الزاهرة ، ١٩٦.
(٢) قد أخذ المؤلف هذا المعنى عن الكشاف ، ٣ / ٢١٩.
(٣) عن قتادة ، انظر السمرقندي ، ٢ / ٣١١ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٣ / ٢١٩.
(٤) و ، + ح.
(٥) قد نقله المصنف عن الكشاف ، ٣ / ٢١٩.
(٦) عن الكلبي ، انظر البغوي ، ٣ / ٥٩٥.
(٧) أخذ المفسر هذا المعنى عن الكشاف ، ٣ / ٢١٩.
(٨) ولم أجد له مرجعا في المصادر التي راجعتها.
(٩) «السدين» : فتح السين المكي والبصري وحفص ، وضمها غيرهم. البدور الزاهرة ، ١٩٦.
(١٠) أخذه المصنف عن البغوي ، ٣ / ٥٩٦.
(١١) «يفقهون» : قرأ الأخوان وخلف بضم الياء وكسر القاف ، والباقون بفتحهما. البدور الزاهرة ، ١٩٦.