والمعاصي ، لأنه اختاره الله لمحابه وعبادته ، وبكسر اللام (١) ، أي أخلص العبادة لله عن الشرك والرياء وأسلم وجهه له (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) [٥١] إلى بني إسرائيل يخبرهم بكتاب عن الله وبغير كتاب.
(وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢))
(وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) من موسى لا من الجبل ، إذ لا يمين له ولا شمال (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) [٥٢] حال ، أي مناجيا بلا وحي ، فمعنى التقريب إسماعه كلامه ، وقيل : «قربه حتى سمع صريف القلم الذي كتبت به التورية في اللوح المنزل» (٢).
(وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣))
(وَوَهَبْنا لَهُ) أي لموسى (مِنْ رَحْمَتِنا) أي من أجل رحمتنا له (أَخاهُ هارُونَ) عطف بيان و (نَبِيًّا) [٥٣] حال منه ليكون معه وزيرا معينا.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤))
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ) هو ابن إبراهيم (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) لأنه إذا وعد أنجز ، قيل : «وعد رجلا أن يقيم مكانه حتى يرجع إليه فأقام مكانه ثلاثة أيام» (٣) ، وقيل : سنة (٤) ، وذكره بصدق الوعد وإن وجد في غيره من الأنبياء تشريفا له ولشهرته به من خصاله (وَكانَ رَسُولاً) إلى قومه (نَبِيًّا) [٥٤] يخبرهم عن الله تعالى.
(وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥))
(وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ) أي أهل دينه وقومه (بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) أي باتمامهما (وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) [٥٥] أي صالحا بطاعة الله زكيا عن معصيته.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦))
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ) أي خبره (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) [٥٦] أي صادقا باخباره عن الله ، سمي به لكثرة درسه من كتاب الله والسنن ، واسمه أخنوخ.
(وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧))
(وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) [٥٧] أي الجنة حيا ، وقيل : هو شرف النبوة (٥) ، وقيل : رفع إلى السماء السابعة (٦) ، روي : أن أذيق الموت ساعة ثم أحيي وأدخل الجنة (٧) ، وقيل : صعد به الملك إلى السماء ومات بين جناحيه ثم أحيي (٨) ، وهو أول من حمل السلاح وقاتل الكفار وأول من نظر في عمل النجوم والحساب وأول من خط بالقلم وأول من لبس ثوب القطن وما خاط بالثياب وكانوا يلبسون الجلود قبل ذلك (٩).
(أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (٥٨))
قوله (أُولئِكَ) إشارة إلى المذكورين في السورة من زكريا إلى إدريس ، مبتدأ ، خبره (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ
__________________
(١) «مخلصا» : فتح اللام الكوفيون وكسرها غيرهم. البدور الزاهرة ، ١٩٩.
(٢) عن أبي العالية ، انظر الكشاف ، ٤ / ١٢ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٣٢٦.
(٣) عن مقاتل ، انظر السمرقندي ، ٢ / ٣٢٦ ؛ والبغوي ، ٣ / ٦٢٤.
(٤) عن الكلي ، انظر السمرقندي ، ٢ / ٣٢٦ ؛ والبغوي ، ٣ / ٦٢٤.
(٥) قد أخذه عن الكشاف ، ٤ / ١٣.
(٦) ولم أجد له مأخذا في المصادر التي راجعتها.
(٧) نقله المؤلف عن السمرقندي ، ٢ / ٣٢٧ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٣ / ٦٢٦.
(٨) أخذ المصنف هذا المعنى نقلا عن السمرقندي ، ٢ / ٣٢٧.
(٩) نقله عن البغوي ، ٣ / ٦٢٥ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٣٢٦ ؛ والكشاف ، ٤ / ١٣.