سُوءٍ) أي برص ، لأن يده كانت ذات نور تضيء كشعاع الشمس (آيَةً أُخْرى) [٢٢] أي حال كونها آية أخرى مع العصا ، وقيل : «آية» منصوبة (١) بمضمر (٢) ، أي خذها (٣) آية أخرى (لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا) الآية (الْكُبْرى) [٢٣] أي العظمى وكانت هذه أكبر آياته أو المعنى : فعلنا ذلك لنريك من آياتنا الكبرى.
(اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٢٤))
ثم قال تعالى (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) [٢٤] أي علا وتكبر وجاوز الحد في الكفر والعصيان ، فادعه إلى عبادتي فلما سمع موسى هذا الأمر منه علم أنه حمل أمرا عظيما فدعا ربه أن يسهل ذلك عليه ليبلغه إلى فرعون كما أمره.
(قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦))
(قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) [٢٥] أي وسع قلبي لتحمل الحق والمشاق وردي أخلاق فرعون وأتباعه ، وفي ذكر (لِي) قبل (صَدْرِي) تكرير للمعنى الواحد من طريقي الإجمال والتفصيل ، لأنه لما قيل (اشْرَحْ لِي) علم أنه ثمه (٤) مشروحا مبهما ثم قيل (صَدْرِي) فقد بين ورفع الإبهام ، فكان آكد لطلب الشرح وكذا في قوله (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) [٢٦] أي سهله لي لأبلغ الرسالة إليه.
(وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨))
(وَاحْلُلْ عُقْدَةً) أي لكنة (مِنْ لِسانِي) [٢٧] وهي الرتة التي حصلت من إلقاء الجمرة في فيه عند فرعون وآسية (يَفْقَهُوا قَوْلِي) [٢٨] أي يفهم هو وقومه (٥) كلامي عند تبليغ الرسالة ، وذلك أن موسى في صغره أخذ بلحية فرعون فأراد قتله ، فقالت آسية زوجته : صبي لا يعقل جربه إن شئت فجعلت في طستا جمرا وفي آخر جوهرا ووضعتهما لدى موسى فقصد إلى أخذ الجوهر ، وأخذ جبرائيل يده فوضعها على الجمر فرفعها إلى فيه ، فاحترق لسانه فكانت له منه لكنة.
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠))
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً) أي معينا أعتمد عليه ، من الموازرة وهي المعاونة (مِنْ أَهْلِي [٢٩] هارُونَ) عطف بيان ل (وَزِيراً) ، و (أَخِي) [٣٠] بدل من (هارُونَ).
(اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١))
(اشْدُدْ بِهِ) بفتح الهمزة وجزم الدال (٦) خبر في جواب الطلب أي أقو به (أَزْرِي) [٣١] أي ظهري ، وقيل : الأزر القوة (٧) ، وقرئ بضم الهمزة وهو دعاء من موسى ، المعنى : افعل أنت اللهم ذلك به.
(وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً (٣٥))
(وَأَشْرِكْهُ) بضم الهمزة خبر من موسى عطف على (اشْدُدْ) الجواب ، أي اجعله شريكا لي (٨) ، وبفتحها (٩) دعاء من موسى ، أي افعل أنت ذلك به (فِي أَمْرِي) [٣٢] الذي حملتني وهو تبليغ الرسالة (كَيْ نُسَبِّحَكَ) تسبيحا (كَثِيراً [٣٣] وَنَذْكُرَكَ) ذكرا (كَثِيراً) [٣٤] أي على كل حال (إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) [٣٥] أي عالما بنا في الأحوال
__________________
(١) منصوبة ، ح ي : منصوب ، و.
(٢) أخذه المفسر عن الكشاف ، ٤ / ٣٠.
(٣) أي خذها ، ح ي : أي خذ هذا ، و.
(٤) ثمه ، ح ي : ـ و.
(٥) يفهم هو وقومه ، ح ي : يفهموا ، و.
(٦) «أشدد» : قرأ الشامي بقطع همزة «أشدد» مع فتحها وصلا ووقفا ، والباقون بهمزة وصل تحذف في الدرج وتثبت في الابتداء مضمومة. البدور الزاهرة ، ٢٠٢.
(٧) نقله المصنف عن السمرقندي ، ٢ / ٣٣٩.
(٨) أي اجعله شريكا لي ، و : ـ ح ي.
(٩) «وأشركه» : قرأ الشامي بضم همزة «وأشركه» ، والباقون بفتحها. البدور الزاهرة ، ٢٠٢.