آذنين في الانتفاع بها مبيحين أن تأكلوا بعضها وتعلفوا بعضها (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في اختلاف النبات (لَآياتٍ) أي لعبرات (لِأُولِي النُّهى) [٥٤] أي لذوي العقول من الناس ، جمع نهية ، لأنها تنهى صاحبها (١) عن القبح.
(مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥))
(مِنْها) أي من الأرض (خَلَقْناكُمْ) أي أصلكم وهو آدم وأنتم منه (وَفِيها نُعِيدُكُمْ) أي بعد موتكم بالدفن فيها (وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ) أي نحييكم عند البعث (تارَةً أُخْرى) [٥٥] أي كابتداء خلقكم وإحيائكم من التراب.
(وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى (٥٦) قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (٥٨))
(وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا) أي أرينا فرعون آياتنا التسع (كُلَّها فَكَذَّبَ) بها (وَأَبى) [٥٦] من لإسلام (قالَ) فرعون مع أتباعه (أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا) أرض مصر (بِسِحْرِكَ يا مُوسى [٥٧] فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) أي يماثله فلا تغلب علينا (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ) لإظهار السحر (مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ) أي مكان موعد وهو مصدر لا نتخلف عن الحضور فيه (نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً) [٥٨] أي يستوي طرفاه على الفريقين من حيث المكان (٢).
و (مَكاناً) بدل من «مكان» المضاف إلى «الموعد» تقديرا ، و (سُوىً) بضم السين وكسرها (٣) صفة ل (مَكاناً) ، أي مكانا يستوي مسافته علينا وعليكم.
(قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩))
(قالَ) موسى (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) فأجاب بالزمان ، لأن الحضور في الزمان يتضمن المكان ، وكان الزمان أهم من المكان و (يَوْمُ الزِّينَةِ) عيد لهم كانوا يتزينون ويجتمعون فيه كل سنة ، وقيل : يوم النيروز (٤)(وَأَنْ يُحْشَرَ) أي ويوم أن يجمع (النَّاسُ ضُحًى) [٥٩] أي ضحوة ليكون أبعد من الريبة ، وهو عطف على (الزِّينَةِ).
(فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠) قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١))
(فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ) أي رجع إلى أهله (فَجَمَعَ كَيْدَهُ) أي سحرته مع كل واحد حبل وعصا وكانوا اثنين وسبعين في رواية (ثُمَّ أَتى) [٦٠] الموعد فرعون مع أتباعه (قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ) أي ألزمكم الله ويلا ، يعني عذابا (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ) أي لا تختلقوا عليه (كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ) بالنصب جواب النهي ، أي لا تكذبوا عليه فيهلككم (بِعَذابٍ) عظيم سحت وأسحت بمعنى أعدم ، قرئ بضم الياء وكسر الحاء وبفتحهما (٥)(وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) [٦١] أي قد خسر من اختلق الكذب.
(فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (٦٣))
(فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) أي اختلفوا فيما بينهم سرا من فرعون وهم السحرة ، قالوا إن كان موسى ساحرا سنغلبه وإن كان نبيا وما يأتي به سماوي فله أمره وعلينا اتباعه (وَأَسَرُّوا النَّجْوى) [٦٢] أي المناجاة ، يعني أضمروا نجويهم التي كانوا يناجوها (٦) خوفا من فرعون (قالُوا) أي السحرة (إِنْ هذانِ) أي موسى وهرون (لَساحِرانِ) وقيل : كانت نجويهم في تلفيق هذا الكلام وتزويره بعد علمهم أنهما على الحق خوفا من غلبتهما
__________________
(١) صاحبها ، و : صاحبه ، ح ي.
(٢) المكان ، ح ي : المسافة ، و.
(٣) «سوى» : قرأ الشامي وعاصم وخلف ويعقوب وحمزة بضم السين وغيرهم بكسرها. البدور الزاهرة ، ٢٠٤.
(٤) أخذه المؤلف عن البغوي ، ٤ / ١٨.
(٥) «فيسحتكم» : قرأ حفص والأخوان ورويس وخلف بضم الياء التحتية وكسر الحاء ، والباقون بفتح الياء والحاء. البدور الزاهرة ، ٢٠٥.
(٦) يناجوها ، وي : تناجوها ، ح.