الْعَذابَ الْأَلِيمَ.)
[٥١ / الذاريات : ٣١ ـ ٣٨]
وقال تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ* نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ* وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ* وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ* وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ* فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ* وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.)
[٥٤ / القمر : ٣٣ ـ ٤٠]
وقد تكلمنا على هذه القصص في أماكنها من هذه السور في التفسير.
وقد ذكر الله لوطا وقومه في مواضع أخر من القرآن ؛ تقدم ذكرها مع نوح وعاد وثمود.
* * *
والمقصود الآن إيراد ما كان من أمرهم ، وما أحل الله بهم ، مجموعا من الآيات والاثار.
وبالله المستعان.
وذلك أن لوطا عليهالسلام لما دعاهم الى عبادة الله وحده لا شريك له ، ونهاهم عن تعاطي ما ذكر الله عنهم من الفواحش ، لم يستجيبوا له ولم يؤمنوا به حتى ولا رجل واحد منهم ، ولم يتركوا ما عنه نهوا. بل استمروا على حالهم ، ولم يرعووا (١) عن غيهم وضلالهم ، وهموا بإخراج رسولهم من بين ظهرانيهم. وما كان حاصل جوابهم عن خطابهم ـ إذ كانوا لا يعقلون إلا أن قالوا :
(أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) فجمعوا غاية المدح ذما يقتضي الإخراج! وما حملهم على مقالتهم هذه إلا العناد واللجاج.
فطهره الله وأهله إلا امرأته ، وأخرجهم منها أحسن إخراج ، وتركهم في محلتهم خالدين ، لكن بعد ما صيرها عليهم بحرة منتنة ذات أمواج ، لكنها عليهم في الحقيقة نار تأجج ، وحر يتوهج ، وماؤها ملح أجاج.
وما كان هذا جوابهم إلا لما نهاهم عن [ارتكاب](٢) الطامة العظمى ، والفاحشة الكبرى ، التي لم يسبقهم إليها أحد من [العالمين](٣) أهل الدنيا. ولهذا صاروا مثلة فيها وعبرة لمن عليها.
وكانوا مع ذلك يقطعون الطريق ، ويخونون الرفيق ، ويأتون في ناديهم ، وهو مجتمعهم ومحل حديثهم وسمرهم ، المنكر من الأقوال والأفعال على اختلاف أصنافه. حتى قيل إنهم كانوا
__________________
(١) م : ولم يرتدعوا.
(٢) من و.
(٣) من و.