بقربان نسائهم ، وحذرهم الاستمرار على طريقتهم وسيئاتهم.
هذا وهم في ذلك لا ينتهون ولا يرعوون ، بل كلما نهاهم (١) يبالغون في تحصيل هؤلاء الضيفان ويحرصون ، ولم يعلموا ماحم (٢) به القدر مما هم إليه صائرون وصبيحة ليلتهم إليه منقلبون.
ولهذا قال تعالى مقسما بحياة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) وقال تعالى : (وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ* وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ* وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ.)
[القمر : ٣٦ ـ ٣٨]
ذكر المفسرون وغيرهم : أن نبي الله لوطا عليهالسلام جعل يمانع قومه الدخول ويدافعهم والباب مغلق ، وهم يرومون فتحه وولوجه ـ وهو يعظهم وينهاهم من وراء الباب ، وكل ما لهم في إلحاح وإنحاح ، فلما ضاق الأمر وعسر الحال قال [ما قال](٣) (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) ، لأحللت بكم النكال.
قالت الملائكة (يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) وذكروا أن جبريل عليهالسلام خرج عليهم ، فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم ، حتى قيل إنها غارت بالكلية ولم يبق لها محل ولا عين ولا أثر ، فرجعوا يتحسسون مع الحيطان ، ويتوعدون رسول الرحمن ، ويقولون إذا كان الغد كان لنا وله شأن!
قال الله تعالى : (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ* وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ).
فذلك أن الملائكة تقدمت إلى لوط ، عليهالسلام ، آمرين له بأن يسري هو وأهله من آخر الليل : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) يعني عند سماع صوت العذاب إذا أحل بقومه ، وأمروه أن يكون سيره في آخرهم كالساقة لهم.
وقوله : (إِلَّا امْرَأَتَكَ) على قراءة النصب : يحتمل أن يكون مستثنى من قوله : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) كأن يقول إلا امرأتك فلا تسر بها ، ويحتمل أن يكون من قوله : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) أي فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم. ويقوى هذا الاحتمال قراءة الرفع ، ولكن الأول أظهر في المعنى. والله أعلم.
قال السهيلي : واسم امرأة لوط «والهة» ، واسم امرأة نوح «والغة».
وقالوا له مبشرين بهلاك هؤلاء البغاة العتاة ، الملعونين النظراء والأشباه الذين جعلهم الله
__________________
(١) و : كلما لهم.
(٢) و : ما حم بهم.
(٣) من و.