قال الفراء : ويقال بضعة عشر وبضعة وعشرون إلى التسعين ، ولا يقال : بضع ومائة ، وبضع وألف. وخالف الجوهري فيما زاد على بضعة عشر ، فمنع أن يقال بضع وعشرون إلى تسعين. وفي الصحيح : «الإيمان بضع وستون شعبة ، وفي رواية وسبعون شعبة ، وأعلاها (١) قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» (٢).
ومن قال إن الضمير في قوله : (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) عائد على يوسف فقد ضعف ما قاله ، وإن كان قد روى عن ابن عباس وعكرمة.
والحديث الذي رواه ابن جرير في هذا الموضع ضعيف من كل وجه. تفرد بإسناده إبراهيم بن يزيد الخوري المكي وهو متروك. ومرسل الحسن وقتادة لا يقبل ، ولا هاهنا بطريق الأولى والأخرى. والله أعلم.
فأما قول ابن حبان في صحيحه ، عند ذكر السبب الذي من أجله لبث يوسف في السجن ما لبث : أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي ، حدثنا مسدد بن مسرهد ، حدثنا خالد بن عبد الله ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«رحم الله يوسف لو لا الكلمة التي قالها (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ما لبث في السجن ما لبث ، ورحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد ، إذ قال لقومه : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) ، قال : فما بعث الله نبيا بعده إلا في ثروة من قومه».
فإنه حديث منكر من هذا الوجه. ومحمد بن عمرو بن علقمة له أشياء ينفرد بها وفيها نكارة. وهذه اللفظة من أنكرها وأشدها والذي في الصحيحين يشهد بغلطها. والله أعلم.
* * *
(وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ* قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ* وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ* يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ* قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ.)
[١٢ / يوسف : ٤٣ ـ ٤٩]
__________________
(١) و : أرفعها.
(٢) الحديث رواه البخاري (٢ / ٣). ورواه مسلم (١ / ٥٧ / ٥٨). ورواه أبو داود (٣٩ / ١٤) ورواه النسائي (٤ / ١٦).
ورواه ابن ماجة (المقدمة / ٩). ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (ح ٢٤٠٢). ورواه أحمد في مسنده (٢ / ٣٧٩ ، ١٤٤ ، ٤٤٥).