ذكر ابن عبد الحكم في تاريخ مصر : أنه من ذلك الزمان تسلط نساء مصر (١) على رجالها ، بسبب أن نساء الأمراء والكبراء تزوجن بمن دونهن ، من العامة ، فكانت لهن السطوه عليهم ، واستمرت هذه سنة نساء مصر إلى يومنا (٢) هذا!
وعند أهل الكتاب : أن بني إسرائيل لما أمروا بالخروج من مصر جعل الله ذلك الشهر أول سنتهم وأمروا أن يذبح أهل كل بيت حملا من الغنم ، فإن كانوا لا يحتاجون إلى حمل فليشترك الجار وجاره فيه. فإذا ذبحوه فلينضحوا من دمه على أعتاب أبوابهم ، ليكون علامة لهم على بيوتهم ، ولا يأكلونه مطبوخا ، ولكن مشويا برأسه وأكارعه وبطنه ، ولا يبقوا منه شيئا ، ولا يكسروا له عظما ، ولا يخرجوا منه شيئا إلى خارج بيوتهم. وليكن خبزهم فطيرا سبعة أيام ، ابتداؤها من الرابع عشر من الشهر الأول من سنتهم ، وكان ذلك في فصل الربيع فإذا أكلوا فلتكن أوساطهم مشدودة ، وخفافهم في أرجلهم ، وعصيهم في أيديهم ، وليأكلوا بسرعة قياما ، ومهما فضل عن عشائهم فما بقي إلى الغد فليحرقوه بالنار. وشرع لهم هذا عيدا لأعقابهم ما دامت التوراة معمولا بها ، فإذا نسخت بطل شرعها. وقد وقع.
قالوا : وقتل الله عزوجل في تلك الليلة أبكار القبط وأبكار دوابهم ، ليشتغلوا عنهم. وخرج بنو إسرائيل حين انتصف النهار ، وأهل مصر في مناحة عظيمة على أبكار أولادهم وأبكار أموالهم ، ليس من بيت إلا وفيه عويل.
وحين جاء الوحي إلى موسى خرجوا مسرعين ، فحملوا العجين قبل اختماره ، وحملوا الأزواد في الأردية وألقوها على عواتقهم ، وكانوا قد استعاروا من أهل مصر حليا كثيرا ، فخرجوا وهم ستمائة ألف رجل سوى الذراري بما معهم من الأنعام ، وكانت مدة مقامهم بمصر أربعمائة سنة وثلاثين سنة. هذا نص كتابهم.
وهذه السنة عندهم تسمى سنة الفسخ ، هذا العيد عيد الفسخ ، ولهم عيد الفطر (٣) ، وعيد الحمل وهو أول السنة ، وهذه الأعياد الثلاثة آكد أعيادهم ، منصوص عليها في كتابهم.
ولما خرجوا من مصر أخرجوا معهم تابوت يوسف عليهالسلام ، وخرجوا على طريق بحر سوف (٤) ، وكانوا في النهار يسيرون والسحاب بين أيديهم يسير أمامهم فيه عمود نور ، والليل أمامهم عمود نار ، فانتهى بهم الطريق إلى ساحل البحر فنزلوا هنالك ، وأدركهم فرعون وجنوده من المصريين ، وهم هناك حلول على شاطىء اليم ، فقلق كثير من بني إسرائيل ، حتى قال قائلهم :
كان بقاؤنا بمصر أحب إلينا من الموت بهذه البرية. فقال موسى عليهالسلام لمن قال هذه المقالة :
لا تخشوا فإن فرعون وجنوده لا يرجعون إلى بلدهم بعد هذا.
قالوا : وأمر الله موسى عليهالسلام أن يضرب البحر بعصاه ، وأن يقسمه ليدخل بنو
__________________
(١) م : مصري.
(٢) و : لي يومك هذا.
(٣) م : الفطير.
(٤) و : يحرسون.