مكتوب فيه : عجبت لمن أيقن بالقدر كيف نصب! وعجبت لمن ذكر النار لم ضحك؟ وعجبت لمن ذكر الموت كيف (١) غفل؟ لا إله إلا الله محمد رسول الله».
وهكذا روي عن الحسن البصري وعمر مولى غفرة وجعفر الصادق نحو هذا.
وقوله : (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً) ، قيل إنه كان الأب السابع وقيل العاشر ، وعلى كل تقدير :
فيه دلالة على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته والله المستعان.
وقوله : (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) ـ دليل على أنه كان نبيا ، وأنه ما فعل شيئا من تلقاء نفسه بل بأمر ربه فهو نبي ، وقيل رسول وقيل ولي وأغرب من هذا من قال إنه كان ملكا. قلت وقد أعزب جدا من قال هو ابن فرعون ، وقيل إنه ابن ضحاك الذي ملك الدنيا ألف سنة.
قال ابن جرير : والذي عليه جمهور أهل الكتاب أنه كان في زمن «أفريدون» ويقال إنه كان على مقدمة ذي القرنين الذي قيل إنه كان أفريدون ، وذو الفرس هو الذي كان في زمن الخليل ، وزعموا أنه شرب من ماء الحياة فخلد وهو باق إلى الآن.
وقيل إنه من ولد بعض من آمن بإبراهيم ، وهاجر معه من أرض بابل. وقيل اسمه ملكان ، وقيل أرميا بن حلقيا ، وقيل كان نبيا في زمن سباسب بن بهراسب.
قال ابن جرير : وقد كان بين أفريدون وبين سباسب دهور طويلة لا يجهلها أحد من أهل العلم بالأنساب قال ابن جرير : والصحيح أنه كان في زمن أفريدون ، واستمر حيا إلى أن أدركه موسى عليهالسلام. وكانت نبوة موسى في زمن «منوشهر» الذي هو من ولد أبرج بن أفريدون أحد ملوك الفرس ، وكان إليه الملك بعد جده أفريدون لعهده وكان عادلا. وهو أول من خندق الخنادق ، وأول من جعل في كل قرية دهقانا ، وكانت مدة ملكه قريبا من مائة وخمسين سنة. ويقال إنه كان من سلالة إسحاق بن إبراهيم.
وقد ذكر عنه من الخطب الحسان والكلم البليغ النافع الفصيح ما يبهر العقل ، ويحير السامع ، وهذا يدل على أنه من سلالة الخليل. والله أعلم. وقد قال الله تعالى :
(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ.)
[٣ / آل عمران : ٨١]
فأخذ الله ميثاق كل نبي على أن يؤمن بمن يجيء بعده من الأنبياء وينصره [واستلزم ذلك الإيمان وأخذ الميثاق لمحمد صلىاللهعليهوسلم لأنه خاتم الأنبياء فحق على كل نبي أدركه أن يؤمن به وينصره](٢)
__________________
(١) و : لم غفل.
(٢) سقطت من م وأثبتها من و.