يا رسول الله! إنك قلت لنا لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا وإني مررت بفلان وفلان وهما يقولان كذا وكذا. فأحمر وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشق عليه ، ثم قال : «دعنا منك فقد أوذي موسى أكثر من ذلك فصبر»!
وهكذا رواه أبو داود والترمذي من حديث إسرائيل عن الوليد بن أبي هاشم به. وفي رواية للترمذي ولأبي داود من طريق ابن عبد الله عن إسرائيل عن السدي عن الوليد به. وقال الترمذي :
غريب من هذا الوجه.
وقد ثبت في الصحيحين في أحاديث الإسراء : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مر بموسى وهو قائم يصلي في قبره ، ورواه مسلم عن أنس.
وفي الصحيحين من رواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه مر ليلة أسري به بموسى في السماء السادسة ، فقال له جبريل : هذا موسى ، فسلم عليه. قال :
«فسلمت عليه فقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح ، فلما تجاوزت بكى. قيل له ما يبكيك؟ قال : أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي!» (١).
وذكر إبراهيم في السماء السابعة ، وهذا هو المحفوظ.
وما وقع في حديث شريك بن أبي نمر ، عن أنس ، من أن إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة ، بتفضيل كلام الله ـ فقد ذكر غير واحد من الحفاظ : أن الذي عليه الجادة : أن موسى في السادسة وإبراهيم في السابعة ، وأنه مسند ظهره إلى البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.
واتفقت الروايات كلها على أن الله تعالى لما فرض على محمد صلىاللهعليهوسلم وأمته خمسين صلاة في اليوم والليلة ـ مر بموسى ، فقال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، فإني قد عالجت بني إسرائيل قبلك أشد المعالجة ، وإن أمتك أضعف أسماعا وأبصارا وأفئدة. فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عزوجل ، ويخفف عنه في كل مرة ، حتى صارت إلى خمس صلوات في اليوم والليلة. وقال الله تعالى : «هي خمس وهي خمسون أي بالمضاعفة ، فجزى الله عنا محمدا صلىاللهعليهوسلم خيرا ، وجزى الله عنا موسى عليهالسلام خيرا.
وقال البخاري : حدثنا مسدد ، حدثنا حصين بن نمير عن حصين بن عبد الرحمن ؛ عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال : خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما فقال : «عرضت علي الأمم ورأيت سوادا كثيرا سد الأفق ، فقيل هذا موسى في قومه».
هكذا رواه البخاري وهذا الحديث هاهنا مختصرا.
__________________
(١) الحديث رواه البخاري في صحيحه وروى هنا مختصرا منه فهو رواية طويلة لحديث الإسراء (١٨ / ١ / ٣٤٩ / فتح) ورواه مسلم في صحيحه (١ / ٣٥٩). والنسائي في سننه (٥ / ١).