وقد رواه الإمام أحمد مطولا فقال : حدثنا شريح ، حدثنا هشام ، حدثنا حصين بن عبد الرحمن قال : كنت عند سعيد بن جبير فقال : أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ قلت أنا ، ثم قلت : إني لم أكن في صلاة ولكن لدغت. قال : وكيف فعلت؟ قلت : استرقيت قال وما حملك على ذلك؟ قال : قلت : حديث حدثناه الشعبي عن بريدة الأسلمي أنه قال : «لا رقية إلا من عين أو حمة» ، فقال سعيد ـ يعني ابن جبير ـ قد أحسن من أنهى إلى ما سمع.
ثم قال : حدثنا ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط ، والنبي معه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد ، إذ رفع لي سواد عظيم فقلت هذه أمتي؟ فقيل : هذا موسى وقومه ، ولكن أنظر إلى الأفق ، فإذا سواد عظيم ، ثم قيل انظر إلى هذا الجانب ، فإذا سواد عظيم ، فقيل : هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
ثم نهض رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدخل ، فخاض القوم في ذلك ، فقالوا : من هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ فقال بعضهم : لعلهم الذين صحبوا النبي صلىاللهعليهوسلم. وقال بعضهم :
لعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله شيئا قط وذكروا أشياء.
فخرج إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : ما هذا الذي كنتم تخوضون فيه؟ فأخبروه بمقالتهم فقال : «هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون». فقام عكاشة بن محصن الأسدي فقال : «وأنا منهم يا رسول الله؟ قال : أنت منهم ، ثم قام آخر فقال : أنا منهم يا رسول الله؟ فقال : سبقك بها عكاشة»!
وهذا الحديث له طرق كثيرة جدا وهو في الصحاح والحسان وغيرها وقد أوردناها في باب صفة الجنة عند ذكر أحوال القيامة وأهوالها.
* * *
وقد ذكر الله تعالى موسى عليهالسلام في القرآن كثيرا ، وأثنى عليه وأورد قصته في كتابه العزيز مرارا ، وكررها كثيرا ، ومطولة ومبسوطة ومختصرة ، وأثنى عليه ثناء بليغا.
وكثيرا ما يقرنه الله ويذكره. ويذكر كتابه مع محمد صلىاللهعليهوسلم وكتابه ، كما قال في سورة البقرة :
(وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
وقال تعالى : (الم* اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ* نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ* مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ)
[٣ / آل عمران : ١ ـ ٤]