وإن شئت أنبأتك بصوم النبي العربي الأمي محمد صلىاللهعليهوسلم فإنه كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ويقول إن ذلك صوم الدهر.
وقد روي الإمام أحمد عن أبي النضر ، عن فرج بن فضالة ، عن أبي هرم عن صدقة عن ابن عباس مرفوعا في صوم داود.
ذكر كمية حياته وكيفية وفاته
قد تقدم في ذكر الأحاديث الواردة في خلق آدم أن الله لما استخرج ذريته من ظهره فرأى فيهم الأنبياء عليهمالسلام ورأى فيهم رجلا يزهر فقال : أي رب من هذا؟ قال : هذا ابنك داود. قال : أي رب كم عمره؟ قال : ستون عاما. قال : أي رب زد في عمره. قال : لا إلا أن أزيده من عمرك. وكان عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاما فلما انقضى عمر (١) آدم جاءه ملك الموت فقال : بقي من عمري أربعون سنة ونسي آدم ما كان وهبه لولده داود فأتمها الله لآدم ألف سنة ولداود مائة سنة.
رواه أحمد عن ابن عباس ، والترمذي وصححه عن أبي هريرة ، وابن خزيمة وابن حبان.
وقال الحاكم : على شرط مسلم. وقد تقدم ذكر طرقه وألفاظه في قصة آدم.
قال ابن جرير : وقد زعم أهل الكتاب أن عمر داود كان سبعا وسبعين سنة. قلت : هذا غلط مردود عليهم. قالوا : وكانت مدة ملكه أربعين سنة ، وهذا قد يقبل نقله لأنه ليس عندنا ما ينافيه ولا ما يقتضيه.
وأما وفاته عليهالسلام فقال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا قتيبة ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن أبي عمرو ، عن المطلب ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال :
كان داود عليهالسلام فيه غيرة شديدة فكان إذا خرج أغلقت (٢) الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع. قال : فخرج ذات يوم وغلقت الدار فأقبلت امرأته تتطلع إلى الدار فإذا رجل قائم وسط الدار فقالت لمن في البيت : من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة ، والله لتفضحن بداود.
فجاء داود فإذا الرجل قائم في وسط الدار فقال له داود : من أنت؟ فقال : أنا الذي لا أهاب الملوك ولا أمنع من الحجاب. فقال داود : أنت والله إذن ملك الموت مرحبا بأمر الله. ثم مكث حتى قبضت روحه فلما غسل وكفن وفرغ من شأنه طلعت عليه الشمس ، فقال سليمان للطير :
أظلي على داود. فأظلته الطير حتى أظلمت عليه الأرض ، فقال سليمان للطير : أقبضي جناحا.
__________________
(١) و : عمره.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة (اغلق). وهو تحريف وما أثبته من الحديث.