وملكوها عليهم وهي بلقيس بنت السيرح وهو الهداد ، وقيل شراحيل بن ذي جدن بن السيرج بن الحارث بن قيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وكان أبوها من أكابر الملوك وكان قد يأبى (١) أن يتزوج من أهل اليمن ، فيقال أنه تزوج بامرأة من الجن اسمها ريحانة بنت السكن ، فولدت له هذه المرأة واسمها تلقمة ويقال لها بلقيس.
وقد روى الثعلبي من طريق سعيد بن بشير عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «كان أحد أبوي بلقيس جنيا»». وهذا حديث غريب ، وفي سنده ضعف.
وقال الثعلبي : أخبرني أبو عبد الله بن قبحونة ، حدثنا أبو بكر بن حرجة ، حدثنا ابن أبي الليث ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، عن أبي بكر. ، قال ذكرت بلقيس عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».
إسماعيل بن مسلم هذا هو المكي ضعيف.
وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث عوف ، عن الحسن ، عن أبي بكر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما بلغه أن أهل فارس ملكوا عليهم ابنة كسرى قال : «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» (٢).
ورواه الترمذي والنسائي من حديث حميد ، عن الحسن عن أبي بكرة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم [بمثله](٣) وقال الترمذي حسن صحيح. وقوله : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أي مما من شأنه أن تؤتاه الملوك (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) يعني سرير مملكتها كان مزخرفا بأنواع الجواهر واللآلىء والذهب والحلي الباهر.
ثم ذكر كفرهم بالله وعبادتهم الشمس من دون الله وإضلال الشيطان لهم وصده إياهم عن عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما يخفون وما يعلنون ، أي يعلم السرائر والظواهر من المحسوسات والمعنويات : «الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم» أي له العرش العظيم الذي لا أعظم منه في المخلوقات ..
فعند ذاك بعث سليمان عليهالسلام كتابه يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله وطاعة رسوله والإنابة والإذعان إلى الدخول في الخضوع لملكه وسلطانه ولهذا قال لهم : (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ) أي لا تستكبروا عن طاعتي وامتثال أوامري (٤) (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) أي واقدموا عليّ سامعين مطيعين بلا معاودة ولا مراودة ، فلما جاءها الكتاب مع الطير ، ومن ثم اتخذ الناس البطائق ، ولكن أين الثريا من الثرى ، تلك البطاقة كانت مع سائر سامع مطيع فاهم عالم بما يقول ويقال له ، فذكر غير واحد من المفسرين وغيرهم أن الهدهد حمل الكتاب وجاء إلى قصرها فألقاه إليها وهي في خلوة لها ثم وقف
__________________
(١) في و : تأبى.
(٢ و ٣) الحديث رواه البخاري في صحيحه (٩٢ / ١٨). الترمذي في سنن (٣١ / ٧٥). والنسائي في سننه (٤٩ / ٨).
وأحمد في مسنده (٥ / ٣٨ ، ٤٣ ، ٤٥ ، ٤٧ ، ٥٠ ، ٥١). ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (٨٧٨).
(٤) و : أمري.