ضرورة وصفيّة مقيّدة بقيد الوجود ؛ ولم يميّز الضّرورة الذّاتيّة عن الضّرورة بشرط الوصف ؛ ولم يستطع ، الفرق بين الضّرورة الذّاتيّة الأزليّة السّرمديّة ، كما فى قولنا : «اللّه عالم بالضّرورة» وبين الضّرورة الذّاتيّة الصّادقة حالة الوجود ، أى مع الوجود ، لا بالوجود ، كما فى هذه الضّرورة ، سبيلا.
ألست إذا لاحظت قولنا : «المعلول موجود ما دامت العلّة موجودة بالضّرورة» ، وقولنا : «العلّة موجودة ما دام المعلول موجودا بالضّرورة» ، أو : «أحد معلولى علّة واحدة موجود ما دام معلولها الآخر موجودا بالضّرورة» ، وقولنا : «اللّه موجود بالضّرورة» ؛ كان ذلك صراطا إلى الفصل بين الضّرورة بالشّيء ، دهريّة كانت أو زمانيّة ، وبين الضّرورة مع الشّيء إمّا دهريّة أو زمانيّة ، وبين الضّرورة الذّاتيّة الأزليّة السّرمديّة.
فاتّخذه سبيلك المستبين إلى تحصيل الضّرورة الوصفيّة والضّرورة الذّاتيّة مع الوصف ؛ لا بالوصف ، كما فى ضرورة ثبوت اللّوازم لذوات ملزوماتها مع وصف الوجود وتميّز هذه عن الضّرورة الذّاتيّة السّرمديّة. وقد كنت تحصّلت من قبل أنّ هذه الضّرورة الذّاتيّة مع الوجود ، لا بالوجود ، مشتركة بين جوهريّات الماهيّة ولوازمها. والفارق اعتبار الاقتضاء فيهما عدما ووجودا.
ثمّ إنّ تلك القسمة حاصرة عقليّة ، واحتمال ضرورة طرفى الإيجاب والسّلب جميعا ساقط من الاعتبار إذا تؤمّل مع صحّة طباع الذّهن ، وما يكون ضرورىّ الطرفين مندرج فى الممتنع بالذّات ، إذا لوحظ مقتضى ذلك المفهوم مع سلامة غريزة الإنسانيّة.