أو الممتنع أو الممكن فى الحكمة الحقيقيّة ، أعنى علم ما فوق الطبيعة ، يتبادر إلى الذّهن الواجب الوجود أو الممتنع الوجود أو الممكن الوجود. فالوجوب والامتناع والإمكان الدّائرة فى هذه الصّناعة هى ما هى جهات العقود وموادّها فى صناعة الميزان. لكنّ المستعملة هاهنا هى تلك العناصر مقيّدة بنسبة مفهوم المحمول الّذي هو الوجود.
ومن لم يحصّل ذلك من ضعفاء العقول ظنّ أنّ هذه مغايرة لتلك بحسب المعنى وإلاّ كانت (٦٥) لوازم الماهيّات ، كالزّوجيّة للأربعة ، وكذا الماهيّات الملزومة ، كالأربعة للزّوجيّة ، واجبة لذواتها ، ولم يتفقّه أنّ اللاّزم هو أن تكون الأربعة واجبة الزّوجيّة ، لا واجبة الوجود. فاختلاف المعنى بسبب اختلاف المحمول ، لا بسبب اختلاف مفهوم الوجوب الّذي هو العنصر والجهة فيه.
ثمّ من لم يتعرّف (١) من مقلّدة المتشبّهين بالحكماء ـ أنّ لازم الماهيّة ، كثبوت الزّوجيّة للأربعة ، إنّما يستند بالذّات إلى نفس الماهيّة المتجوهرة ، ولا يتوقّف ذلك الثّبوت الرّابطىّ على جاعل الماهيّة ، إلاّ بالعرض ، من حيث إنّ ماهيّة الأربعة ، مثلا ، من الطبائع الّتي لا تتجوهر إلاّ بجعل الجاعل ، ولا على وجود تلك الماهيّة المتقرّرة إلاّ بالعرض أيضا ؛ من حيث إنّها استدعت أن تكون حالة الاقتضاء مخلوطة بالوجود لا بالذّات ، حتّى تكون العلّة المقتضية لثبوت الزوجيّة للأربعة بالنّظر إلى استدعاء ذلك الثّبوت بخصوصه من حيث خصوصيّة الطرفين مركبّة عند العقل من ماهيّة الأربعة ومن اعتبار حيثيّة الوجود لها على أن تكون القضيّة المعقودة بذلك الحكم وصفيّة بحسب أخذ الموضوع مع قيد تلك الحيثيّة ، وقد تحقّقته بالوجوه الّتي عرّفناكها فى ما سلف ـ
توهّم أنّ كون اللّوازم واجبة لملزوماتها نظرا إلى ذواتها إنّما يتصوّر إذا كانت الملزومات واجبة الوجود لذواتها ؛ إذ لو لم يكن كذلك لاحتاج ثبوت اللّوازم لها إلى ما يوجدها ، وأنّ الضّرورة فى قولنا : «الأربعة زوج ما دامت موجودة بالضّرورة»
__________________
(١). هو المحقّق الدّوانىّ تقوية لصاحب المواقف ؛ سمعته ، سلّمه اللّه.