وإذ نحن نعرّفك لما يحين وقته إن شاء اللّه ـ تعالى ـ أنّ تعاقب الامور الغير القارّة إنّما يصحّ بحسب الوقوع فى افق الزّمان ، لا بحسب الحضور لدى المبدأ المحيط بالكلّ أو بالقياس إلى المفارقات النّوريّة من الملائكة ، يستبين لك هذا السّبيل من طريق آخر أوضح.
وبما قرع سمعك ظهر لك : أنّ الدّوام لا ينفكّ عن الضّرورة فى نفس الأمر ، بل فى خصوص لحاظ الذّهن فقط ، حيث يلحظ الشّيء من حيث الدّوام ، لا من حيث الضّرورة. فالدّوام ، لا يكون عنصرا ، وإنّما يقع للعقد فى الذّكر اللّهجىّ أو اللّحاظ السّرّىّ.
(٥) ثمّ قد يطلق الإمكان ، ويعنى به الإمكان الاستعدادىّ الّذي هو تهيّؤ الهيولى واستعدادها لما يحصل لها من الصّور والأعراض ، بتحقّق بعض الأسباب والشّرائط بحيث لا يصل إلى ميقات الوجوب الحاصل عند تمام العلّة.
وهو كيفيّة استعداديّة هى من الأعراض القائمة بالمادّة وتتفاوت شدّة وضعفا بحسب القرب من الحصول والبعد عنه ، بناء على حصول الأكثر ممّا لا بدّ منه أو الأقلّ ، كاستعداد الإنسانيّة الحاصل للنّطفة ثمّ للعلقة ثمّ للمضغة ، وكاستعداد الكتابة الحاصل للجنين ثمّ للطفل ، وهكذا إلى أن يتعلّم.
وليس هو من الاعتبارات الانتزاعيّة العقليّة اللاّزمة للماهيّة ، كالإمكان بالمعانى السّابقة ، بل إنّه يوجد بعد العدم بحدوث بعض الأسباب والشّرائط ، وينقطع استمراره بحدوث الشّيء بالفعل ، ويكون جزءا من المحمول ولا يعدّ من الجهات ، وسيعاد إليك بالذّكر ، وعسى أن يكون قريبا.
<١٨> لحاقة
قسمة المفهوم بحسب العناصر الثلاثة إلى الواجب والممكن والممتنع قسمة حقيقيّة جارية فى قاطبة المفهومات بالقياس إلى أىّ محمول كان. فكلّ مفهوم إمّا أن يكون واجب الحيوانيّة مثلا أو ممتنعها أو ممكنها. لكن حيثما يطلق الواجب