فقد تحققت : أنّ مصداق الحمل بخصوصيّة نفس الماهيّة بما هى هى. وقولهم : «ذاتيّات الماهيّة مجعولة بعين جعلها» إنّما عنى به أنّ جعل الماهيّة هو بعينه جعلها ، فهى مجعولة فى ذواتها جعلا بسيطا هو عين جعل الماهيّة ، بل الجعل البسيط الوحدانىّ يتعلّق أوّلا بالذّاتيّات والمقوّمات ، ثمّ بالماهيّة.
وهذا مسلك الإشراقيّة والرّواقيّة ، وإنّما حاولنا ترميمه وتقويمه «بالحكمة اليمانيّة» ، لا أنّ ذلك الجعل يوسّطه اعتبار العقل بين الماهيّة ومقوّماتها للحاظ الخلط وصدق الحمل.
وكذلك مصداق الحمل نفس الماهيّة المجعولة ، لا جعلها ومجعوليّتها ؛ فإنّ بين الاعتبارين فرقا ، على أنّ التّشكيك لا يختصّ بالرّواقيّة ، بل يعترى المشّائيّة أيضا.
فلا يجدر أن يزاح إلاّ بما يجدى الفريقين. لكن أتباع المشّائيّة ربّما ينقضون أيضا : بأنّ صحّة سلب المعدوم عن نفسه إنّما يستوجب استلزام الرّبط الإيجابيّ وجود الموضوع لا الفرعيّة. فصدق الحمل فى الذّاتيّات لا يتوقّف على الجعل المؤلّف للموضوع ، أى جعله موجودا ، بل إنّما يستلزمه ويستتمّ لو قيل بالمساوقة بين مرتبتى الفعليّة والوجود. وسينساق نظرك إلى الحقّ الصّريح إن شاء اللّه تعالى. ثمّ اللّواحق
(١) : منها : لوازم الماهيّة ، ومصداق الحمل فيها نفس الماهيّة المجعولة ومفهوم المحمول مع اقتضاء من الماهيّة للخلط ، لا الماهيّة باعتبار المجعوليّة فضلا عن الوجود المتأخّر عنها إن أسندنا لوازم الماهيّة إلى نفس الماهيّة فقط من جهة اقتضائها للخلط من غير اعتبار مدخليّة مطلق الوجود ، كما بلغ إليه نظر شيخ الصّناعة ورئيسها ؛ فإنّ ملاحظة المجعوليّة إنّما احتيج إليها فى صدق الحمل ، لكون الموضوع من الطّبائع الإمكانيّة ولا ذات متقرّرة له إلاّ بالمجعوليّة لا من حيث إنّ ذاته إحدى حاشيتى هذا الحمل بخصوصه ، ولاستدعاء مطلق الرّبط الإيجابيّ بما هو مطلق الرّبط الإيجابيّ ذلك ، لا من حيث الخصوصيّة إلاّ بالعرض ، على قياس ما تعرّفت.
وما أعضل الأمر بمثير فتنة التّشكيك وغيره : «أنّه يلزم حينئذ جواز كون الوجود