أن يكون وجوده فى نفسه هو ل «ب» ، لا لذاته ، لكون ذاته من الامور القائمة ب «ب» ، لا ممّا يقوم فى وجوده بذاته ، بخلاف الثّاني ؛ فإنّ مفاده أنّ نفس «ج» ليست موجودة فى ذلك الظرف ، بل إنّما نعنى بوجود «ج» فى ذلك الظرف أن يوجد «ب» هناك ، على وصف «ج». ومن يتعلّم الأمر هوّش على نفسه ، بل ربّما سلّم الفساد اللاّزم وارتكب.
وأنت من حيث تعرّفت تحقّقت أنّه قد يكون الشّيء ممتنع الوجود فى نفسه فى الأعيان ممكن الوجود الرّابطىّ هناك بالقياس إلى شيء.
وبعض الفئة المتكلّفة ظنّ أنّه قد ضيّق المحيص على الثّلّة المعتبرة المحصّلة : بأنّه إذا لم يكن للإمكان صورة فى الأعيان لم يكن الممكن ممكنا فى الأعيان ، بل إنّما فى اعتبار العقل فقط ، فيلزم أن يكون فى الأعيان إمّا واجبا أو ممتنعا ، إذ لا يخرج شيء ما عن الانفصال الحقيقىّ. وكأنّه ـ بعد ما حصّلنا لك ـ كاد يستحقّ بذلك أن لا يعدّ من أبناء الحقيقة وأولياء الفحص التّحصيلىّ.
ألست قد تحصّلت أنّه لا يلزم من صدق الحكم على الشّيء بأنّه ممكن فى الأعيان أن يكون إمكانه واقعا فى الأعيان ، بل هو محكوم عليه من قبل العقل أنّه فى حدّ نفسه (٧٨) ما هو فى الأعيان ممكن ، ومحكوم عليه أيضا أنّه ما هو فى الذّهن ممكن ، وما فى أىّ ظرف ووعاء وقع فهو ممكن.
فالإمكان صفة ذهنيّة يضيفها العقل تارة إلى ما فى العين وتارة إلى ما فى الذّهن وتارة يحكم حكما مطلقا متساوى النّسبة إلى الذّهن والعين. وأيضا يبطل مثل هذا النّمط من الاحتجاج فى الامتناع ، فليس لامتناع الممتنع صورة فى الأعيان.
ولا يتأتى لأحد أن يزعم أنّ الممتنع إذا لم يكن له امتناع فى الأعيان يكون واجبا أو ممتنعا ، وإذا صحّ ذلك فى الامتناع صحّ على العموم.
وممّا استكشف فى تضاعيف القول انكشف ضعف التّمسّك : بأنّ الفرق بين نفى الإمكان والإمكان المنفىّ ـ وهما مفاد لا إمكان له وإمكانه لا يعطى ـ أنّ الإمكان ثبوتيّ ، إذ كلّ عدم فإنّه يتحدد ويتحقّق بالوجود. فما يكون له رفع يكون