الصّورتين بعينها شرط لها فى زمان بعينه دون الاخرى ، والاخرى بعينها فى زمان آخر بعينه دون الأولى. وهى بما هى هيولى إنّما يشترط حصولها بالفعل بإحدى الصّور لا بعينها.
فإن كان الأمر على الوجه الأوّل : فحيث كان وجوب التّقرّر والوجود وجب أن يكون ذلك الشّرط معه ؛ وإن كان على الوجه الثّاني فوجوب التقرّر والوجود يفتقر إلى شيء يوجد به ، فيكون واجب التقرّر والوجود من بعد ما يتمّ له معنى أنّه واجب التّقرّر والوجود يحتاج شيء إلى آخر يوجد به.
وأمر الهيولى واللون ليس على هذا السّبيل ؛ فإنّ الهيولى بما هى هيولى شيء وبما هى موجودة شيء آخر. واللّون بما هو لون شيء وبما هو موجود شيء آخر. بخلاف التقرّر والوجود ؛ فإنّ حيثيّة وجوب التقرّر والوجود فيه هى بعينها حيثيّة الوجود.
فالوجود بالفعل هنا لمّا لم يكن خارجا عن نفس المعنى الّذي هو بإزاء المعنى الجنسىّ فى اللّون وكان الّذي يفيده المعنى الفصلىّ هناك ، وما بإزاء ذلك المعنى هاهنا هو الوجود بالفعل ، لم يكن يتصوّر الافتراق هاهنا بما هو بإزاء المعنى الفصلىّ هناك.
ولمّا لم يكن داخلا هناك فى نفس المعنى الجنسىّ تصوّر الافتراق بالفصل ، والاحتياج فى مطلق الحصول بالفعل لا فى نفس جوهر المعنى إلى أحد الفصول لا بعينه ، وفى حصول التّحصّل نوعا معيّنا بالفعل إلى فصل بعينه ؛ إذ للطبيعة المبهمة وجودات متعدّدة. وكذلك الوجود بالفعل خارج عن نفس حقيقة الهيولى بما هى هيولى. فلذلك كانت إحدى الصّور لا بعينها شرط مطلق حصولها بالفعل من حيث جوهرها ؛ وخصوصيّة صورة معيّنة بعينها شرط حصولها بالفعل فى زمان بعينه. ولكن لا من حيث جوهرها ، بل بحسب خصوصيّة استعداد خاصّ لها وخصوصيّات أسباب مقتضية.
فإذن ، طبيعة وجوب التقرّر والوجود لا يمكن تحصّلها بالفعل بغير ذاتها ، لا بأحد