كإنسان أو سماء أو عقل أو غير ذلك ، ممّا ليس وجوب التقرّر والوجود فى مرتبة ماهيّته ، ثمّ كان يتلبّس به الماهيّة ، فقد كان هو لازما لذلك الشّيء ، كالخاصّة والعرض العامّ ، لا هو له ، كالجنس والفصل. وإذا كان كذلك كان هو تابعا غير متقدّم ، والتّابع معلول متبوعه ، فيكون وجوب التقرّر والوجود معلولا ، فلم يكن وجوبا بالذّات ؛ فتعيّن أن يكون هو طباعا ذاتيّا ، لا كاللّازم.
فإمّا هو ماهيّة ، فتعود إلى أنّ النّوعيّة واحدة ، وإمّا هو داخل فى الماهيّة ؛ فتلك الماهيّة إمّا أن تكون بعينها لشيئين ويعود الاشتراك فى طباع نوع وجوب التقرّر والوجود ، أو تكون لكلّ ماهيّة غير ماهيّة الاخرى.
فإمّا أن يكون انفصال ماهيّة أحدهما عن ماهيّة الآخر ، بأنّ له حقيقة وجوب التقرّر والوجود وشيئا هو الشّرط فى الانفصال ، وللآخر حقيقة وجوب التقرّر والوجود مع عدم ذلك الشّرط على أن قد فارق صاحبه بهذا العدم فقط ، فالعدم لا معنى له محصّلا فى الأشياء ، وإلاّ لكان فى شيء واحد معان بلا نهاية ؛ إذ تسلب عن كلّ شيء أشياء بلا نهاية.
وإمّا أن يكون (٨٧) لكلّ منهما ما ينفصل به عن الآخر ، فيكون هناك زيادة ، كالفصل. فإمّا أن يكون وجوب التقرّر والوجود قد تمّ وجوب تقرّر ووجود دون كلّ من الزّيادتين ، فيكون الزّيادتان من العوارض اللاّحقة.
وإمّا أن يكون ذلك شرطا له فى أن يتمّ ، فلا يخلو : إمّا أن يكون لا يتمّ دون ذلك فى أن يكون له حقيقة وجوب التقرّر والوجود ، وإمّا أن يكون وجوب التقرّر والوجود معنى تامّا فى نفسه.
وليس شيء من الأمرين داخلا فى تقوّم ذلك المعنى فى نفسه ، بل إنّما يصير حاصل الوجود بأحدهما : مثل الهيولى لها لما فى حدّ جوهر هيوليّتها فعليّة التهيّؤ ، وإنّما وجودها بالفعل بإحدى الصّور. ومثل اللّون لا يوجد بالفعل إلاّ سوادا أو بياضا ، لا بعينه ، بل أيّهما اتّفق ، ولكن هذا فى حال وذاك فى حال. وإن كان فصل السّواد لا يقوّمه من حيث هو لون ، ولا فصل البياض. والهيولى أيضا إحدى