الماهيّتين الغير المعلومتين بالكنه أصلا. وهذا المفهوم عرضيّ منتزع من ذات كلّ واحدة منهما بنفس ماهيّتها المتقرّرة بذاتها.
فيقال لك : إنّ هذه معضلة عويصة عوصاء غرية الإشكال لزجة الإعضال ؛ لم يكن لبيان من جهتها أمن ولا تبيان من تلقائها فى أمان إلى زماننا هذا.
فنحن بعون حكمة بارئنا وأيد إفاضة ربّنا القيّوم الواجب بالذّابّ ـ جلّ ذكره ـ قمعنا عليها وعلى ما هى مثلها أو أشدّ منها إعضالا فى سائر أبواب هذا العلم وغيره من العلوم والصّناعات العلميّة دار الصّعوبة ، وقلعنا متن الاشكال ، وحسمنا عرق الغموضة ، وقطعنا وتين الإعضال.
فالآن نذكر ما لفّفته أيدى قرائح السّالفين من شركائنا الرّؤساء ، وهو لدينا من المساعى المشكورة والمحاولات المحمودة الغير البالغة مبلغ الإجداء ونصاب الإغناء ؛ ونؤخّر ما هو من اجتهاداتنا التّامّة المغنية وفتاوانا الحقيقيّة المجدية إلى مظانّ ذكره ومستقرّ عرشه فى المسائل الرّبوبيّات فى الشّطر الرّبوبىّ إن شاء اللّه. فنقول على سياق ما ذكر فى الشفاء والنّجاة.
إنّ وجوب التقرّر والوجود : إمّا أن يكون شيئا لازما لماهيّة تلك الذّات الّتي ينتزع هو منها ؛ كما يقال للشىء : إنّه مبدأ ، فيكون لذلك الشّيء ذات وماهيّة. ثمّ يكون المبدأ لازما لتلك الذّات. كما أنّ إمكان الوجود يوجد لازما لشيء له فى نفسه معنى ، مثل أنّه جسم أو بياض أو لون. ثمّ هو ممكن الوجود ولا يكون داخلا فى حقيقته ؛ وإمّا أن يكون واجب التّقرّر والوجود بنفس كونه واجب التقرّر والوجود ، وهو تلك الماهيّة ويكون نفس وجوب التقرّر والوجود طباعا ذاتيّا له.
وقد علمت أنّه لا يجوز أن يكون وجوب التقرّر والوجود من المعانى اللاّزمة لماهيّة ؛ فإنّ تلك الماهيّة حينئذ تكون سببا لوجوب التّقرّر والوجود ، فيكون وجوب التّقرّر والوجود متعلقا بسبب ، فلا يكون وجوب التّقرّر والوجود متقرّرا موجودا بذاته.
ثمّ إذا لم يكن وجوب التّقرّر والوجود فى مرتبة ماهيّة شيء ، بل كان الشّيء ،