فيكون هذا المنفرد بخصوصه معلولا غير واجب التقرّر والوجود.
فإذن ، القيّوم الواجب بالذّات واحد بالمعنى والحقيقة ليس كأنواع تحت جنس ؛ وواحد بالهويّة ليس كأشخاص تحت نوع.
وربّما يعبّر عنه بوجه يظنّ أو جزء فيقال : القيّوم الواجب لذاته يستحيل أن يكون محمولا على الاثنين ؛ لأنّه إمّا أن يكون ذاتيّا لهما أو عرضيّا لهما أو ذاتيّا لأحدهما ، عرضيّا للآخر. فإن كان ذاتيّا لهما ، فالخصوصيّة الّتي بها يمتاز كلّ واحد عن الآخر لا يمكن أن يكون داخلا فى المشترك ، وإلاّ فلا امتياز ، فهو خارج منضاف إلى المعنى المشترك. فإن كان داخلا فى كلّ واحد منهما كان كلّ منهما ممكنا بما هو موجود وممتاز عن الآخر ؛ وإن كان فى أحدهما فهو ممكن بما هو كذلك ؛ وإن كان عرضيّا لهما أو لأحدهما فمعروضه فى ذاته لا يكون واجب التّقرّر والوجود.
فإن قيل : المخصّص سلبيّ ، وكلّ واحد منهما مختصّ بأنّه ليس الآخر. قيل : سلب الغير لا يتحصّل إلاّ بعد حصول الغير ، وحينئذ يكون كلّ واحد هو هو بعد حصول الغير ، فيكون ممكنا.
<١٠> عقدة وانفكاك
ولعلّك تقول : إنّما تستتبّ التّبيانات لو كان وجوب التّقرّر والوجود طباعا مشتركا بين ذاتين على سبيل ما هو شأن جوهريّات الماهيّات أو كان هناك طباع مشترك يجب أن يتخصّص بهويّات متمايزة. فما الّذي أحال أن تكون بسيطتان مفترقتان بتمام الماهيّة ليس لحقيقتهما البسيطتين اتّفاق فى شيء أصلا ، وكلّ واحدة متقرّرة بذاتها صالحة لانتزاع هذا الوجود المطلق الانتزاعىّ الفطرىّ منها بنفسها من غير لحاظ اعتبار آخر؟ وكذلك الوجوب الانتزاعىّ ، فيكون كلّ واحد منهما ماهيّتها بعينها هى الإنيّة ، ولا ماهيّة لهما وراء الإنيّة ؛ ويكون لمفهوم وجوب التّقرّر والوجود حقيقتان بسيطتان مجهولتا الكنه مختلفتان بنفس جوهرى