الأمرين] ويقطع الطّلب ويكفى لتحقق وجوب الوجوب ، ووجوب وجوب الوجوب وهكذا إلى حيث يلحظ العقل دون الأولويّة وأولويّة الأولويّة ، وهكذا جملة الأولويّات اللاّمتناهية ، لانحفاظ كلّ واحدة منها والجملة جميعا مع كلّ من الفعليّة واللاّفعليّة لبقاء جملة الأولويّات الغير المتناهية على حالها فى كلّ من الصّورتين لفرض جواز كلّ منهما مع تلك جميعا ، وإلاّ كان يلزم من الجوازيّات الصّرفة نسبة وجوبيّة بتيّة. وذلك خرق الفرض ، مع أنّه بعينه رجوع عن الباطل المأمول للمستنكر إلى الحقّ المقصود للمستثبت.
فقد صحّ إذن أنّ كلّ ما هو ممكن التّقرّر لا يتقرّر ولا يوجد ما لم يجب تقرّره ووجوده بعلّته وبالقياس إلى علّته ، فإذن لا يتصوّر إلاّ أن يكون ترجيح العلّة للمعلول إيجابا ورجحان المعلول عنها وجوبا ، وما لم يكن كذلك لم تكن العلّة علّة ولا المعلول معلولا.
فإذن ، تحدّس من ذلك أنّ كلّ علّة يجب أن تكون واجبة فى عليّتها ، إذ لو كانت ممكنة العليّة لم يكن تقوى بما هى علّة بالجواز على أن تصير مبدءا للإيجاب والوجوب.
فإذن ، العلّة الاولى كما يجب أن تكون واجبة لذاتها كذلك يجب أن تكون واجبة فى عليّتها ، فهذا سبيل آخر إلى تعرّف أن المبدأ الأوّل ـ تعالى ذكره ـ بذاته واجب العليّة. كما أنّه بذاته واجب التقرّر والوجود ، إذ مطلق العليّة يجب أن يكون بالوجوب ، ولا وجوب هناك من غير الذّات ، وعسى أن يعوزك أن تستجدى هذا السّرّ فى عدّة مسائل ربوبيّات.
<٢٧> استضاءة
هل قرع سمعك قولنا : «كلّ ممكن محفوف بوجوبين سابق ولاحق». فما حقّقناه الآن هو الوجوب السّابق الآتى من تلقاء الجاعل أوّلا ثمّ الذّات والوجود ،