أعمّ زال الفرق.
قيل : هو أعمّ بالاعتبار المذكور ، ولا يلزم منه تباين الأفراد ، إذ العموم بمعنيين. وهذا ليس يستلزمه وليس أعمّ أفرادا ، ولا يلزم منه زوال الفرق ، لكونه أعمّ اعتبارا وإن لم يكن أكثر تناولا.
(٢) ومن هذا المسلك تفكّ العقدة ، حيث يقال : أليس من الاصول أنّه إذا حمل شيء على شيء حمل المقول «على» ، ثمّ حمل ذلك الشّيء على ثالث ذلك الحمل حتّى يكون طرفان وواسطة ؛ فإنّ الأوّل يحمل على الثّالث ، كالحيوان ، بتوسّط الإنسان على زيد.
وقد عدّ ذلك من المزاوجات بين قول «على» ووجود «فى» ، وحكم بأنّ الأوّل يكون على كلّ حال موجودا فى الثّالث ؛ فإنّ الشّيء إذا كان فيه اللّون الأبيض كان فيه جميع الامور الّتي تقال على اللّون قولا كليّا ويوصف بها اللّون وصفا عامّا ، وإلاّ كان فى ذلك الشّيء بياض ولم يكن فيه لون وكان ذلك البياض ليس بلون. فلم يكن حمل اللّون على البياض كلّيا ، بل أىّ شيء وجدت فيه طبيعة عرض من الأعراض فتوجد فيه طبائع الامور الّتي يوصف بها ذلك العرض وصفا كليّا.
(٣) ثمّ إنّ الحكم قد يختلف فى قول «على» حيث يحمل الجنس على الحيوان والحيوان على زيد والإنسان ، وليس يحمل الجنس على زيد والإنسان.
فيحسم : بأنّ الجنس الطبيعىّ ليس يحمل على طبيعة الحيوان بما هو حيوان ، بل الّذي تحمل عليه طبيعة الجنسيّة هو طبيعة الحيوان من جهة إيقاع اعتبار فيها بالفعل. وذلك أن يلحقها الذّهن بالنّسبة إلى الخواصّ المنوّعة والمشخّصة لا بشرط الخلط والتّجريد.
وهذا اللّحاظ فيها اعتبار أخصّ من اعتبار الحيوان بما هو حيوان فقط الّذي هو طبيعة الحيوانيّة ؛ فإنّ الحيوان بما هو حيوان أعمّ اعتبارا من الحيوان ، وهو ملحوظ لا بشرط الخلط والتّجريد. فلطبيعة الحيوان اعتبار اعمّ ، ولطبيعة الحيوان لا بشرط الخلط والتّجريد اعتبار أخصّ.