وبالحقيقة ، إنّ هذا يرجع إلى أنّ الطرف الأكبر يحمل على بعض من الوسط وعلى البعض الّذي لا يحمل على الطرف الأصغر.
ويجب أن يعتبر المقول على الموجود فى هذه الأمثلة كليّا ؛ فإنّك إذا جوّزت الجزئىّ حتّى يكون الأكبر على بعض من الواسطة لم يجب فى اتّفاق القولين بعلى أن يقال : الأكبر على الأصغر ؛ فإنّ النّاطق يحمل على بعض الحيوان بعلى والحيوان على كلّ فرس بعلى. وليس يلزم أن يحمل النّاطق على الفرس بعلى.
وهذه الشّريطة مطردة فى الأعمّ والأخصّ بحسب الجزئيّات وبحسب الاعتبار جميعا ؛ فإنّ الأخصّ بالاعتبار قد يكون موضوع القضيّة الجزئيّة ، كما الأخصّ بحسب الجزئيّات.
ولذلك ما إنّه يصدق قولنا : «الحيوان بما هو حيوان ليس حيوانا لا بشرط شيء» مرسلة وجزئيّة ، كما يصدق قولنا : «الحيوان بما هو حيوان ، حيوان لا بشرط شيء» مرسلة وجزئيّة ، وأنّ ما يسرى إليه الحكم على العنوان فى الجزئيّة أو المرسلة هو أعمّ من أن يكون من الأفراد الحقيقيّة ، أعنى الأنواع والأشخاص للموضوع أو الاعتباريّة التى خصوصها بحسب الاعتبار.
وبالجملة ، إنّه ليس معنى قولنا «الحيوان : عامّ» ما صدق عليه الحيوان من الأفراد الشّخصيّة ، بل ما صدق عليه وإن لم يكن منها ، كالحيوان الّذي هو جنس ، والحيوان الّذي هو غير جنس ، كالطّبيعة ولأنّ العامّ يصدق على كلّ واحد من جزئيّاته ، فيصدق أنّ بعض الحيوان جنس ، من غير لزوم أنّ النّوع أو الشّخص جنس ، على ما يظنّ ، من أنّه لو كان قولنا : الحيوان جنس ، مرسلة ، كما ذهب إليه رؤساء الصّناعة لزم ذلك.
(٤) فإن أوجست فى نفسك خيفة : أنّ هذا النّمط ليس على مسلك ما استقرّ فى الصّناعة ، من أنّ الاعتبار الزّائد على الماهيّة ، وهو مفهوم كونها لا بشرط شيء فى طبيعة الحيوان الّذي هو الجنس الطبيعىّ ، مثلا ، إنّما اعتبر فى العبارة والمفهوم دون الغاية والمقصود ، أعنى ما صدق عليه مفهوم الماهيّة لا بشرط شيء.