قبول الانقسام له بذاته.
لكن وجود هذا المعنى ـ أعنى التّمادى إلى نهاية أو إلى لا نهاية بالفعل ـ إنّما يكون له بسبب المحرّك وبتوسّط الحركة. كما أنّ وجود الانقسام بالفعل إنّما يكون بقاسم خارج. فالحركة بذاتها توجد الزّمان على نحو يلزمه استعداد قبول الانقسام لذاته ، وبثباتها كونه ممتدّا إلى نهاية أو لا نهاية بالفعل.
ثمّ الزّمان يفيد كون الحركة ذات مقدار متناه أو غير متناه. فكثير من الأشياء يوجد أمرا ، ولذلك الأمر صفة أوّليّة ، ثمّ يكون له تلك الصّفة بالقصد الثانى ، فهذا سبيل الفلسفة.
وأمّا صراط نضج الحكمة فيؤدّى إلى أن تتعرّف مع ما تعرّفت أنّ التّمادى فى الوجود إلى لا نهاية بالفعل مستحيل فى الكم مطلقا ، سواء كان كمّا ذا وضع أو كمّا غير ذى وضع. وسيتلى عليك تبيانه إن شاء اللّه تعالى.
<١١> شكّ وتحصيل
ليس من المستبعد أن يزعج سرّك أنّ الحركة ما لم تكن موجودة مشخّصة لم يصحّ أن تصير علّة للزّمان ؛ لأنّ العلّة متقدّمة على المعلول فى الوجود ، والوجود هو بعينه التّشخّص أو مساوقه. والزّمان هو من جملة مشخّصات الحركة وإن لم يكن من مشخّصات كلّ ما يقع وجوده فى أفق الزّمان على الإطلاق ؛ لأنّ الحركة لا توجد منسلخة عن السّرعة والبطء، وهما لا ينفكّان عن وجود الزّمان ، بل عن تعيّنه ، فالسّرعة المعيّنة إنّما هى بحسب زمان بعينه.
وربّما كان كذلك ، لزم أن يكون الزّمان متقدّما على الحركة ، فلو كان الزّمان عرضا هو مقدار الحركة والحركة علّة له ، لزم تقدّم الحركة على الزّمان ؛ فإذن يلزم تقدّم كلّ منهما على الآخر ، وأنّه محال. فينبغى لك أن تعلم أنّ الحركة بما هى حركة جزء علّة أو شرط فى وجود الزّمان.