والحكماء الكرام السّبعة المقتبسون نور الحكمة من مشكاة النّبوة ـ وهم ثالس وأنكساغورس وأنكسيمايس وأنباذقلس وفيثاغورس وسقراط وأفلاطن خاتم الحكماء الإلهيّين ـ وإن طابقونا على أنّ للزّمان بل لجملة الجائزات بدءا فى التّقرّر والوجود ، لكن لم يكن يتهيّأ فحصهم لتقنين القوانين وإحصاف الأحكام وحسم معضلات الشّبه وحلّ معقودات الأوهام.
وأمّا الفرقة الاخرى المتلقّبة بالمتكلمين فأمرهم أوهن من أن يترقب لهم استحقاق تلك الدّرجة. وبالجملة قد كانت فطرة قريحتى لضبط تلك الامور وسدّ تلك الثّغور ، ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء ، واللّه ذو الفضل العظيم.
<١٢> تلخيص ختاميّ
إنّ الزّمان مقدار متّصل محاذ لاتّصال الحركات والمسافات ، فعند الفلاسفة المتهوّسين بإثبات القدم واللاّنهاية ، اولى التّحصيل منهم : هو بجملته من الأزل إلى الأبد موجود متصل واحد شخصىّ ، وكذلك محلّه وهو الحركة المستديرة الحافظة له بسرمديّته. وأهل التّهويل والتّشويش من أسلافهم يضعون أزمنة متكثرة يلتئم التسرمد من تركيبها. وعلى ما حصّله من حمل عرش نضح الحكمة وضمّن تقيين اصول العلم بعصام التّحقيق وتصحيح صناعة الفلسفة عن سقام التّشويش هو ممّا أبدعه الجاعل بعد ما كان باطل الذّات فى وعاء الدّهر ومن المقادير المتناهية التّمادى بالفعل.
فهو بهويّته اللاّامتدائيّة ، لا على أن ينتهى إلى أزل زمانىّ محدود بالآن ، بل على نحو آخر سينكشف لك حقّ الانكشاف إن شاء اللّه تعالى ، موجود وحدانىّ شخصيّ متصل من أزله إلى أبده ، لا من الأزل إلى الأبد ، حذاء اتصال محلّه من الحركة المستديرة كذلك. وليس هو بحيث يمكن وراءه امتداد يوقع العقل بمعونة الوهم بينهما اتّصالا بحسب التّصوّر يجمعهما آن ، فإن جوّزه مجوّز فهو بحت ذات الوهم ، لا غير.