ومتأخّرة ومتقضّية ومتجدّدة فى افق الزّمان.
ثمّ إنّ النّسبة ما هو ثابت الذّات إلى ما هو غير متغيّرات الذّات بإضافة المعيّة فى التحقّق والحصول لا يكون بحسبها إلاّ محض الكون السّرمديّ المتقدّس عن الامتداد ومقابله فى نفس الكون والنّسبة وفى المنتسبين جميعا. وطرق هذا النّوع من الحصول هو عرش السّرمد.
ولمّا كان هو والدّهر متشاركين (١) فى أنّه ليس يعقل امتداد ولا لا امتداد فى الوجود منهما وإن كان بعض الموجود [فى الدّهر ممتدّا فى نفسه ، لا فى الحصول فيه دون الموجود] فى السّرمد ؛ فإنّه لا يكون إلاّ المفارق الخارج عن جنس الامتداد واللاّامتداد ، لم يميّز بينهما فى العبارة. ولذلك ما إنّه يقال : وعاء الدّهر والسّرمد.
والّذي يشبه أن يكون الحقّ فى عقد الاصطلاح عليه هو أن يخصّ السّرمد والوجود السّرمديّ بالقيّوم الواجب الذّات ـ جلّ ذكره ـ إذ ما سواه مسبوق بالبطلان وإن لم يكن مسبوقا بامتداد البطلان أو لا امتداده. وحقّ التقرّر السّرمديّ أن لا يكون مسبوقا بأصل البطلان الخارج عن الامتداد واللاّامتداد ، كما لا يكون مسبوقا بامتداده ولا امتداده. فالجواهر المفارقة المحضة من الذّوات الجوازيّة والحقائق الإمكانيّة إنّما هى فى وعاء الدّهر ، لا على عرش السّرمد المحض بالملك الصّمد ـ تعالى ذكره وتقدّس مجده.
وبالجملة ، الدّهر نوع من أوعية التقرّر والوجود ومحيط بالزّمان كلّه ؛ لأنّ معيّة الثّابت المحض بما هو ثابت وشيء من أبعاض الزّمان وإن كان معنى غير النّسبة إلى الزّمان بالفيئيّة. لكنّها بعينها معيّة ذلك الثّابت وجملة الزّمان ؛ إذ جملة الزّمان وأبعاضه وحدوده لا تختلف انقضاء وحصولا بالقياس إلى الثّابت المحض أصلا.
فإذن ، بعض الزّمان وكلّه يكونان معا بحسب الحصول فى وعاء الدّهر ، وإلاّ لكان فى وعاء الدّهر انقضاءات وتجدّدات ، فيلزم أن يكون فيه امتداد ، فينقلب وعاء الدّهر افق الزّمان ، وذلك خلف محال.
__________________
(١). وهذا معنى قولهم : إنّ الدّهر فى نفسه من السّرمد وبالقياس إلى الزّمان دهر ؛ سمع.