والحركة فى الزّمان. وأمّا غير المتغيّر أعنى ما يكون قارّ الذّات فإنّما ينسب إلى الزّمان بالحصول معه ، لا بالحصول فيه ؛ إذ ليس له جزء يطابق المتقدّم من الزّمان وجزء يطابق المتأخّر منه. وهذا كما أنّ نسبة استمرار غير المتغيّر وثباته إلى استمرار غير المتغيّر ، كالسّماء إلى الأرض يكون بالحصول معه من غير تصوّر الحصول فيه». (ص)
ثمّ قال : «وغير الحركة أو المتحرك إنّما ينسب إلى الزّمان بالحصول معه ، لا فيه. وهذه المعيّة إن كانت بقياس ثابت إلى غير ثابت فهو الدهر ؛ وإن كانت بقياس ثابت إلى ثابت فهو السّرمد. وهذا الكون ، أعنى كون الثّابت مع غير الثّابت ، والثّابت مع الثّابت ، بإزاء كون الزّمانيّات فى الزّمان فتلك المعيّة كأنّها متى الامور الثّابتة (١٤٠). ولا يتوهّم فى الدّهر ولا فى السّرمد امتداد ، وإلاّ لكان مقدارا للحركة. ثمّ الزّمان كمعلول للدّهر والدّهر كمعلول للسّرمد ؛ فإنّه لو لا دوام نسبة علل الأجسام إلى مباديها ما وجدت الأجسام فضلا عن حركاتها. ولو لا دوام نسبة الزّمان إلى مبدأ الزّمان لم يتحقق الزّمان». (ص)
وقال أيضا : «إنّ اعتبار أحوال المغيّرات مع المتغيّرات هو الزّمان ، واعتبار أحوال الأشياء الثّابتة مع المتغيّرة هو الدّهر ، ومع الأشياء الثّابتة هو السّرمد. والدّهر فى ذاته من السّرمد. وهو بالقياس إلى الزّمان دهر. يعنى أنّ الدّهر فى نفسه شيء ثابت ، لا تغيّر ولا امتداد فيه إلاّ أنّه إذا نسب إلى الزّمان الّذي هو واقع فيه ومتغيّر فى ذاته سمّى دهرا.
وقال فى كتاب عيون الحكمة (ص ٢٨) : «وذوات الأشياء الثّابتة وذوات الأشياء الغير الثّابتة من جهة والثّابتة من جهة إذا اخذت من جهة ثباتها لم تكن فى الزّمان ، بل فى الزّمان ونسبة ما مع الزّمان وليس فى الزّمان من جهة ما مع الزّمان هو الدّهر ، ونسبة ما ليس فى الزّمان إلى ما ليس فى الزمان من جهة ما ليس فى الزمان ، الأولى به أن يسمّى السّرمد. والدّهر فى ذاته من السّرمد وبالقياس إلى الزّمان دهر.
وقال فى كتاب التعليقات (ص ١٤١) : «العقل يدرك ثلاثة أكوان : أحدها : الكون