بضاعة ما ولكن مزجاة من الطباع التّعقّلىّ ، أدرجته فى الطبائع الجوازيّة. لكن لا على أن يكون ممّا يعتريه التّعلّق بالمادّة ، بل على أن يكون جوهرا مستقلا بنفسه قائما بذاته منفصل الذّات عن الماديّات ، مفارق الوجود للجسمانيّات. وهذا الرّأى معزيّ إلى إمام الفلسفة أفلاطن الإلهيّ وفريق من أشياعه.
وعلى هذا أيضا لا يصلح أن يقع فى تحت ذات الزّمان والمدّة تغيّر أصلا ما لم يعتبر نسبة ذاته إلى المتغيّرات. فالمدّة إن لم يقع فيها شيء من الحركات والتّغيّرات لم يكن فيها إلاّ الدّوام وإن وقع حصلت هناك قبليّات وبعديّات ، لا من جهة التغيّر فى ذات الزّمان والمدّة ، بل إنّهما من حيثيّة تلك المتغيّرات.
ثمّ إن اعتبر نسبته إلى الذّوات الدّائمة الوجود المتنزّهة عن التّغيّر سمّى من تلك الجهة بالسّرمد ، وإن اعتبرت نسبته إلى ما فيه الحركات والتّغيّرات من حيث حصولها فيه فذلك هو الدّهر الدّاهر ، وإن اعتبر من جهة نسبة ذاته إلى المتغيّرات المقارنة له فذلك هو المسمّى بالزّمان. فالسّرمد والدّهر والزّمان عند هؤلاء متحدة بالذّات متغايرة بالاعتبار.
وكما يزعم بحسب المشهور أنّ المكان عند أفلاطن الإلهيّ بعد مقطور مجرّد مكانىّ ، وهو الّذي يقال له الامتداد المكانىّ الّذي (١٤١) هو من الجواهر المفارقة للمادّة ، فكذلك يزعم أنّ الزّمان عنده بعد مقطور مجرّد زمانىّ. وهو الّذي يقال له الامتداد الزّمانىّ. وهو أيضا من الجواهر المفارقة للمادّة. وكما أنّ ذهاب أفلاطن إلى ذلك فى الامتداد المكانىّ غير ثابت فكذلك فى الامتداد الزّمانىّ.
وكيف يظنّ بأفلاطن الأقدم الأفخم أنّه لم يفرّق بين الممتدّ المتغيّر بذاته وبين ما لا يعقل فيه امتداد وتغيّر ، ولم يتحقّق أنّ القبليّات والبعديّات الامتداديّة لا تتصوّر بالذّات إلاّ فيما يكون بذاته مقدار للحركة ، فيمتنع أن يكون جوهرا قائما بذاته.
ومنهم من ظنّ : أنّ الدّهر مدّة السّكون أو زمان غير معدود بحركة. وهذا أيضا سخيف فاسد ؛ فإنّه ليس يعقل زمان ومدّة ليس فى ذاته قبل وبعد قبليّة وبعديّة زمانيّتين. وإذا كان كذلك استحال الخلوّ من الحركة. وأمّا السّكون فقد عرّفناك أنّه لا