الاتّفاق البحت من جهة حصول الوجود لمعين ، لا من جهة إضافة طبيعيّة. وهذا الموضوع قد كانت فيه زلاقة زلّ فيها بعض تلامذة الرّؤساء ، وإحصافه على هذا النّمط التحصيل (١) لم يتيسّر لمن سبقنا بهذه الصّناعة من الشّركاء النّجباء.
<١٣> صطباح مرآتي
عساك أن تكون بما تكشّف تلك أهل أن تستكشف فتتعرف أنّ نسبة الموجود إلى الموجودات إمّا نسبة متقدّرة زمانيّة أو نسبة غير متقدّرة دهريّة وسرمديّة. والنّسبة المتقدّرة ما يختلف بحسبها حال المنسوب بالقياس إلى أبعاض المنسوب إليه وبالقياس إلى الكلّ بالمعيّة واللاّمعيّة فى الوجود. أعنى بذلك أن يخالف حال المنسوب بالقياس إلى بعض المنسوب إليه حاله بالقياس إلى بعض آخر منه ، وحاله بالقياس إلى المجموع ، فتكون حين ما للمنسوب إليه معيّة فى التقرّر بالإضافة إلى بعض المنسوب إليه لا تكون له تلك المعيّة بعينها بالقياس إلى البعض الآخر وبالقياس إلى الكلّ ، وحين ما له لبعض المنسوب إليه تخلّف فى الوجود عن المنسوب لا يكون للبعض الآخر وللمجموع ذلك المتخلّف بعينه عنه.
فعلى هذا التّقدير يلزم تقدّر وامتداد فى نسبة الموجود المنسوب إلى الموجودات المنسوب إليها بتّة. والنّسبة الغير المتقدّرة ، ويعبّر عنها الفلاسفة بنسبة الأبديّات هى ما بخلافها ، أى : ما لا يختلف بحسبها حال المنسوب بالقياس إلى أبعاض المنسوب إليه بالمقارنة والمفارقة ، أعنى أنّه لا يخالف حال المنسوب بالقياس إلى بعض المنسوب إليه حاله بالقياس إلى البعض الآخر ، وحاله بالقياس إلى المجموع ، فيكون إذا كانت للمنسوب معيّة فى الوجود بالإضافة إلى بعض المنسوب إليه كانت له فى ذلك الحال تلك المعيّة بعينها بالإضافة إلى سائر أبعاض المنسوب إليه وبالقياس إلى المجموع أيضا.
__________________
(١). يعنى به تلميذ الشيخ الرّئيس أبى عليّ بن سينا ، بهمنيار ؛ فإنّه قد زلّ فى هذا الموضع فى كتاب التحصيل. منه مدّ ظلّه.