وإذا كان لبعض المنسوب إليه تخلّف فى الوجود عن المنسوب كان لسائر الأبعاض وللمجموع أيضا عند ذلك التّخلّف بعينه فى تلك الحال بعينها.
فعلى هذا التّقدير ، لا يقع تقدّر وامتداد فى النّسبة ؛ إذ من المنصرح بالضّرورة الفطريّة : أنّه لو كان الشّيء المنسوب فى الأعيان على المعيّة فى الوجود بالقياس إلى شيء ما ولم يكن إذ هو معه هو على وصف المعيّة بالإضافة إلى شيء آخر ثالث ثمّ إنّه قد تلحقه المعيّة بالقياس إلى الشّيء الثالث أيضا ، لزم لا محالة تقدّر وامتداد فى نسبته بالمقيّد بالإضافة أو ذينك الشيئين ، فيلزم إذن أن تكون النّسبة السّرمديّة زمانيّة ، وذلك خرق الفرض وفسخ الضّبط.
فإذن ، قد انصرح أنّ النّسبة السّرمديّة مباينة الحقيقة للنّسبة المتقدّرة ، وبالجملة ، يجب أن تكون النّسبة السّرمديّة الغير المتقدّرة إضافة المنسوب بحسبها إلى جميع أجزاء المنسوب إليه وإلى المجموع بما هو المجموع متشابهة غير مختلفة بالمقارنة والمفارقة أصلا.
ثمّ من المتّضح فيه أنّ الموجود الخارج عن افق الزّمان حيث إنّه ليس يعقل أن يكون زمانيّا يستحيل أن يكون له إلى الموجودات نسبة متقدرة ، بل يجب أن تكون نسبته إلى جملة الموجودات نسبة سرمديّة متقدّسة عن جنس التقدّر واللاّتقدّر وعن جنس الامتداد واللاّامتداد. كما أنّ نسبته إلى المكانيّات تكون خارجة عن جنس التقدّر واللاّتقدّر المكانيّين.
وهذه المسألة أمّ مسائل هذه «المساقة» من علم ما فوق الطبيعة فى الفلسفة اليونانيّة وفى الحكمة الخالصة (١٤٣) الحقّة اليمانيّة. وهى من متأصّلات الاصول المقشوّة السّطوعيّة اللاّهوتيّة كمرآة عقليّة مجلوّة لحقائق المسائل الملكوتيّة. وهى من المبادى اليقينيّة لإثبات الحدوث الدّهرىّ لقاطبة الذّوات الجوازيّة والحقائق الإمكانيّة ومن الأوضاع الحقّة فى إفحام خصماء الحقّ من الفلاسفة الإسلاميّة واليونانيّة بأحكام الضّوابط الحكميّة الفحصيّة البرهانيّة ، فلتكن كوديعة منّا عند فريحتك تستحفظها بالذّكر إلى أن نتولى إعمالها فى مؤتنف القول فى بعض الفصول المستأنفة إن شاء اللّه تعالى.