فإنّه موجود فى نفسه ، لا فى زمان أو آن وجود ذات المقدار ـ أعنى الحركة ـ فإنّه موجود فى الزّمان. كما أنّ ذا المكان موجود فى المكان ، والمكان موجود فى نفسه ، لا فى مكان أو فى حدّ من حدود الأمكنة.
ثمّ إنّ وجود الزّمان الممتدّ المتصل فى الأعيان أوفر شيوعا فى الفلسفة وأكثر مستيقنا من الفلاسفة وأقلّ مستنكرا من المتفلسفة من وجود الحركة المتصلة ، والحقّ أنّه ليس يجوز استنكارهما لا فى صناعة الفلسفة ولا فى الحكمة الحقيقيّة.
<٩> ذيل
إنّ جمهور الفلاسفة يقسمون الكم الموجود فى الأعيان إلى القارّ وغير القارّ. ويخالفهم عامّة المتسمّية بالمتكلمين فى وجود العرض الغير القارّ ، وينسبون وجود الزّمان بأجزائه الممتدّة ، كالأيّام والأعوام ، ويحكمون بأنّ الموجود من الحركة يتقدّر بالزّمان وينطبق عليه وعلى المسافة ويتكمّم بالعرض ككميّة المسافة ، وإنّما يصحّ ذلك فى الحركة القطعيّة المتصلة ، لا التوسّطيّة الغير المنقسمة ، ويقولون : الزّمان غير قارّ الذات فى الوجود أصلا ، وكذلك الحركة.
وإنّما يصدق ذلك بحسب الوجود فى الأعيان دون الوجود الذّهنىّ ، إذ الوجود البقائىّ لهما فى الذّهن قارّ. فهذه الأحكام ناصّة على الوجود العينىّ. وإجراؤها مجرى المساهلات التّسامحيّة هدم لبنيان الصّناعة.
<١٠> تكملة وتسجيل
ألست قد دريت أنّ الزّمان الممتدّ والحركة المتصلة كما أنّهما يوجدان فى الأعيان فكذلك هما يرتسمان فى الأذهان ، كالقوى الخياليّة والنّفوس المنطبقة من راسميهما المتحققين بما لهما إثبات تحقّق الذّات واختلاف النّسبة إلى الحدود المفروضة وما يرتسم من كلّ منهما فى الذّهن ، فهو قارّ الذّات بحسب البقاء فيه.
وأمّا حدوث الارتسام فيه فإنّما هو على التّدريج فى مجموع الزّمان الموجود