<١٦> وهم ودفع
ولعلّك تقول : فإذن ، قد أوجبتم بما أثبتّم ، من اتصال الحركة الماضية بالمستقبل أن يكون بين الموجود والمعدوم اتّصال.
فيدفع : بأنّك إن عنيت بذلك اتصال الموجود بالمعدوم المحض فى الأعيان على أن يحصل منهما موجود عينىّ فذلك غير لازم ؛ وإن عنيت اتصال الكائن فى الزّمان الماضى بالمعدوم فى الحال الكائن فى الزّمان المستقبل بحيث يكون منهما موجود واحد فى مجموع الزّمانين قد انحلّ فى الوهم إلى شطرين هما فى الموجود فى أحد الزّمانين والموجود فى الزّمان الآخر ، وهما فى الوجود العينىّ شيء متصل وحدانىّ فى نفسه ، فذلك غير مستحيل ، بل هو ما عليه الأمر نفسه.
أليس الآن بمعنى الزّمان القصير الملتئم من شيئين يسيرين عن جنبتى الآن الّذي لا يتجزّى ربما يسعه لحظك لقصر الامتداد بين حدّيه الطرفين ، فتدرك حصوله فى نفسه وتحكم عليه بالوجود ، لا بانقباض العقل عن ذلك ، مع أنّه فى نفس يقبل التّحليل إلى جزءين هما ماض ومستقبل. وليس الزّمان الطويل عندك على ذلك السّبيل لطول الامتداد بينهما. ومصادقة الوهم أحاطتك به.
فلعلّ الزّمان المتمادى من أوّله إلى أبده لا يكون إلاّ موجودا واحدا فى نفسه ومن يسعه بالإحاطة يدرك حصوله ويحكم عليه بالوجود. كما الآن الّذي هو الزّمان القصير بالنّسبة إليك ، بل لا نسبة بين النّسبتين بوجه من الوجوه ضرورة. وإنّما ذلك على سبيل ضرب الأمثال لإيناس الأوهام المستوحشة.
<١٧> ريبة وإماطة
أأصغيت إلى من يرتاب فى الحقّ فيقول : إنّه إذا قيل بوجود الماضى ، فإمّا أن يراد أنّ وجوده مقارن لوصف المضىّ ، فيلزم أن يكون موجودا ومعدوما معا ؛ إذ لا معنى للمضيّ إلاّ الانقضاء ؛ أو أنّه كان مقارنا لوصف الحضور ، ثمّ زال وجوده