الّذي كان موجودا فى زمان حاضر ، بل إنّما السّائغ أن يقال : إنّه هو الّذي كان بعضه بالقياس (١٥١) إلى آن قيل الحال مستقبلا وبعضه ماضيا وصار فى الحال كلّه ماضيا ، وهكذا فى المستقبل وفى الآن الفاصل بين الماضى والمستقبل لا يمكن أن يكون للشىء حركة. فالحركة إنّما تكون فى زمان وليس شيء من الزّمان بحاضر ؛ لأنّه غير قارّ الذّات.
وربّما يتشكّك : بمثل هذا فى الزّمان فيقال : الزّمان إمّا الماضى أو الحال أو المستقبل ؛ والماضى والمستقبل معدومان ؛ والحال إن كان منقسما عادت القسمة وانفسخ الغرض ؛ وإن كان غير منقسم كان عدمه رفعه لا محالة. فعند فنائه يحدث آن آخر رفعه ، فيلزم تشافع الآنات ، ويلزم بإزائه فى المسافة تركّب من النّقط المتشافعة وتحقق الأمر بأنّ الزّمان إما الماضى أو المستقبل ، وليس له قسم آخر هو الآن. إنّما الآن هو الفصل المشترك بين القسمين ، كالنّقطة فى الخطّ ، والماضى ليس بمعدوم مطلقا ، إنّما هو معدوم فى المستقبل والمستقبل معدوم فى الماضى ، وكلاهما معدومان فى الحال ، وكلّ منهما موجود فى حدّه ، وليس عدم شيء فى شيء هو عدم فى نفسه مطلقا ؛ فإنّ الفلك معدوم فى البيت وليس بمعدوم فى موضعه. ولو كان الآن جزءا من الزّمان لما أمكن قسمة الزّمان إلى قسمين. مثلا تقول : من الغداة إلى الآن ومن الآن إلى العشاء. فإن كان الآن جزءا لم يكن هذه القسمة صحيحة.
فإذن ، الآن عرض ومعروض فى الزّمان ، كالفصل المشترك فى الخطّ ، وليس بجزء من الزّمان ، وليس فناؤه إلاّ بعبور زمان متحققا عدم الآن فى كلّ جزء من أجزائه وفى حدّ من حدوده ، فلا يلزم تتالى الآنات. وربما يقال فى حلّ الشّكّ : إنّ الآن قد يطلق على الزّمان القليل والحاضر من الحركة على ما ينطبق عليه.
ثمّ إنّ الحركة الحاضرة منقسمة بتّة ولا يلزم أن يكون أحد نصفيها سابقا على النّصف الآخر فى الوجود. وإنّما يلزم ذلك أن لو كانت قابلة الانفكاك. أمّا إذا كان قبولها إنّما هو للقسمة الوهميّة ، فذلك غير لازم ، وإنّما يصلح للتّعويل عليه لو استحصف بما تلوناه عليك.