بأنّ الشّيء الغير الزّمانىّ موجود فى الأعيان على أن يكون الزّمان أو الآن ظرفا للحكم وإن لم يصدق الحكم بأنّه موجود فى الزّمان وفى الآن على أن يكون الزّمان أو الآن ظرفا للوجود.
وكما أنّ الوجود كلّما كان أوغل فى التّعلّق بالزّمان كان أضعف والوجود أوهن وأنقص. ولذلك ما إنّ الموجود التّدريجىّ الّذي يكون وجوده فى الزّمان أضعف وجودا من الموجود القارّ الّذي يوجد بجميع أجزائه فى الآن ؛ فكذلك كلّما كان الوجود أبعد عن الوقوع فى الزّمان كان أقوى ، والوجود أتمّ وأكمل ، ولذلك ما إنّ الموجود الغير الزّمانىّ الّذي يوجد بذاته وبجملة كالأب ذاته ، لا فى الزّمان ولا فى الآن (١٥٢) أقوى وجودا وأتمّ حقيقة من الموجود القارّ الّذي يوجد بتمامه فى الآن فضاء عن الموجود الغير القارّ الّذي لا يوجد بتمامه إلاّ فى نفس الزّمان. ومن هو أقدس الحقائق وأرفع الموجودات عن ذلك التّعلّق لا يقاس تمام حقيقته وكمال ذاته ولا يدرك كنه قدسه وعلوّ مجده ، تعالى ملكه وتقدّس ذكره.
<١٩> عقد وحلّ
كأنّه يعلق سرّك أنّ حصول الشّيء الواحد فى نفسه على سبيل التّدريج غير معقول ؛ لأنّ الحاصل فى الجزء الأوّل من الزّمان لا بدّ وأن يكون مغايرا لما يحصل فى الجزء الثانى منه ، لاستحالة أن يكون الموجود عين المعدوم. فإذن ، يكون هناك أشياء متغايرة غير صالحة للانقسام متعاقبة لا يتصل بعضها ببعض اتّصالا حقيقيّا ، ويجوز اتّصال الموجود بالمعدوم كذلك ، فإذن يجب أن يكون كلّ واحد منها حاصلا دفعة ، لا تدريجا.
وهذا أيضا شكّ معضل قد عرض لبعض مهوّشة اليونانيّين. ثمّ قد تشبّث بذلك مشوّشة العلم من الإسلاميّين ، ثمّ مثير فتنة التشكيك قد استمسك به وأضافه إلى نفسه فى المباحث المشرقيّة فقال :