على أن يكون هو حاصلا فى كلّ جزء من أجزائه وفى كلّ آن من آناته ، ولا يكون آن ما من الآنات ، بحيث يصحّ أن يقال فيه كان ابتداء حصوله.
فإذن ، وجود الحركة التّوسّطيّة فى كلّ آن من آنات زمان الحركة ليس مشروطا بمجاوزة الحدّ الّذي هو مفروض بإزاء ذلك الآن على ما توهّم (١) حتى يتشكّك بأنّ مجاوزة ذلك الحدّ يكون بعد هذا الآن ، فيكون وجود الشّيء مشروطا بالأمر الّذي يحدث بعده ، بل مجاوزة ذلك الحدّ وعدم الاستقرار فيه إنّما هو مقتضى طباعها. فالغلط من عدم الفرق بين شرط الشّيء وبين ما يلزم طباعه. وإنّما يلزم من ذلك أن يكون ظرف ذلك الوجود نفس الزّمان، لا على وجه التّطابق ، بل على الوجه الموصوف ؛
فإذن الحركة التّوسّطيّة أمر بسيط حصوله بحسب نفس ذاته يستلزم تحقّق الزّمان وإن لم يكن بينهما مطابقة امتداديّة ، وبحسب استمرار ذاته وعدم استواء نسبته إلى الحدود المفروضة المسافيّة يستلزم حصول أمر ممتدّ يحصل فى الزّمان على سبيل المطابقة الامتداديّة.
<٢١> تذكار فيه تحقيق
هل أنت متذكّر ما تحققته فى بعض المسافات السّالفة ، من أنّ الحركة كمال وفعل ، أى : كون بالفعل إذا كان بإزائها قوّة ، إذ الشّيء قد يكون متحرّكا بالقوّة وقد يكون متحرّكا بالفعل ، وفعله وكماله هو الحركة. فالحركة تشارك سائر الكمالات من هذه الجهة وتفارقها ومن جهة. إنّ سائر الكمالات إذا حصلت صار الشّيء بها بالفعل وبعد فيه ممّا يتعلق بذلك الفعل شيء بالقوّة ؛ فإنّ الشّيء إذا اسودّ وصار أسود بالفعل لم يبق بالقوّة أسود من جملة الأسود الّذي له. وإذا صار بالفعل مربّعا لم يبق بالقوّة مربّعا من جملة المربّع الّذي له. والمتحرّك إذا صار متحرّكا بالفعل فيظنّ أنّه يكون بعد بالقوّة متحرّكا من جملة الحركة المتّصلة الّتي هو بها متحرّك ، فإنّ
__________________
(١). تعريض لبعض الأزكياء المحدثين. منه ، مدّ ظلّه.