واحدة بالعدد ، فالآن السّيّال واحد بالعدد.
وكما أنّ اختلاف سائر الحركات المتّصلة غير الّتي هى محلّ الزّمان فى الأعيان واختلاف مسافاتها أو تكثّرها بحسب الانفصال لا يوجب تكثّر الزّمان المتصل فى نفسه ؛ إذ ليس ذلك يقطع اتصاله فى ذاته ، بل إنّما يوجب تكثّرا وهميّا فى الزّمان بحسب فصل فيه مقيسا إلى غيره ، لا فى سنخ ذاته بحسب ذاته ، لا بالقياس ؛ فكذلك سائر الحركات التوسّطيّة غير حركة الجرم الأقصى فى الأعيان واختلافات مسافاتها ، إذ تكثّر شيء من تلك المسافات بحسب الانقسام إنّما يوجب تكثّرا شخصيّا فى الآن السّيّال مقيسا إلى تلك الحركات بالتّطابق ، لا بحسب نفسه ، لا بالقياس.
فطرفا ما فيه الحركات الفلكيّة كما هى للمبدإ ، وهو الوضع الّذي هو مبدأ الحركة والغاية المتوجّهة إليها بالحركة ، أى الوضع الّذي هو المنتهى ، إنّما يتعيّنان بالفرض والانتزاع ، سواء ذهبت إلى فلسفتهم اليونانيّة أو اتّبعت حكمتنا الإيمانيّة اليمانيّة : أمّا فى المنتهى فعلى سبيل واحد ، وأمّا فى المبدأ فعلى طريقة الفلسفة ، للتّمادى إلى لا نهاية بالفعل وعلى محجّة الحكمة الحقيقيّة ؛ لأنّ عدم التّمادى هناك إلى لا نهاية بالفعل بحيث يستلزم وجود الآن. وكذلك الحدوث الدّهرىّ ليس بحيث يحق ذلك ، على ما سيأتيك إن شاء اللّه ، والجرم الأقصى قد خلق متحرّكا ، لا أنّه خلق ثمّ تحرّك. فلعلّ ذلك هو سبيل الحقّ القويم ، واللّه يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.
<٢٣> فرية وبيان
بعض من لم يستطع إلى الحق سبيله نظر إلى ظاهر ما يوجد فى كتب المشّائين ، كالشفاء وغيره ، ولم يدرك الغور بتأمل دقيق وتفكّر غائر ، فظنّ أنّ رئيسهم فى عصر الإسلام ومعلّمهم فى الدّورة السّالفة ومن فى طبقتهما يستنكرون الوجود فى الأعيان للحركة الّتي هى القطع. ثمّ استمرّ تلك الفرية إليهم فى هذه السّنين المتأخّرة ، فيحقّ علينا أن نكشف الحال فيه. فلنبيّن قول شيخهم ورئيسهم أبى عليّ بن سينا ؛ فإنّه ناسج على منوال أقوال السّالفين ، قال :