فقد اختلف الطور بحسب اختلاف المشرعين ولا قرار الذّات فى الوجود من جهة سلب المعيّة المتعدّدة الزّمانيّة وقرار الذّات فى الوجود من جهة إثبات المعيّة الغير المتعددة الدّهريّة.
فإذن ، الزّمان سبيله بحسب الزّمان سبيله بحسب وجود فى نفسه فى وعاء الدهر ، لا فى زمان ولا فى آن سبيل المكان بحسب وجود فى نفسه لا فى مكان ولا فى حدّ. والحركة القطعيّة بما فيها وما معها من الأشياء الزّمانيّة بحسب وجودها فى مجموع زمان ما ، لا فى شيء من أجزائه أو حدوده ، كالمتمكن بحسب الوجود فى مجموع مكان ما ، لا فى جزء من أجزائه أو حدّ من حدوده ، والآنات بما يتخصص بها من الآنيّات ، كحدود المكان بما ينطبق عليها من حدود المتمكن.
<٣٠> استنارة عقليّة
أما كان قد صار عندك من المستبين أنّ المعلول بحسب نفسه ليس إلاّ فى بقعة الجواز المحض. ولا فعليّة ولا وجود لذاته إلاّ بجعل الجاعل ، وإنّه قد يكون بحيث لا يتعلّق وجوده بزمان أو آن ، وقد يتعيّن بأن يكون وجوده فى آن أو فى زمان أو فى جميع الأزمنة. والّذي لا يتعلق وجوده بزمان أو آن يجعله الجاعل فى وعاء الدّهر لا فى زمان ولا فى آن. ويمتنع ارتفاعه بعد الوجود فى وعاء الدّهر ، لا بالذات ، بل بسبب إيجاب الجاعل. فله بقاء دهرىّ غير زمانىّ لا يعقل فيه استمرار ولا لا استمرار ، بل إنّما معناه عدم بطلان الوجود الواقع فى وعاء الدّهر.
وإنّما وقوعه فى وعاء الدّهر بجعل الجاعل البتة ، فيكون بقاؤه الدّهرىّ الغير المتعدّد لا محالة بالجعل ، ويستحيل انبتات الجعل فى وعاء الدّهر ، وإلاّ لزم امتداد فى وعاء الدهر ، وهو محال.
فإذن ، يكون للمعلولات الدّهريّة بقاء دهرىّ غير زمانىّ لا ينبتّ فى وعاء الدّهر. وذلك مستفاد من تلقاء الجاعل حيث يجعلها جعلا غير منبتّ فى وعاء الدّهر بتّة.