الماضى ، يعنى به أنّه يتمّ وجوده التّدريجىّ فى نظر افق الزّمان ويبقى وجوده القارّ فى وعاء الدّهر ، فقط ، بمعنى أنّه لا يرتفع عن الواقع ، لا بمعنى البقاء الّذي يكون بحسب استمرار الوجود فى الزّمان وغير الزّمان إذا وصف بالمضىّ فإنّما يقصد أنّه متعيّن الوجود بأنّه فى شطر مخصوص أو حدّ معيّن من الزّمان معنى. والماضى بذاته إنّما هو زمان. وأمّا الحركة وسائر الأشياء فإنّما تتصف بالمضىّ بحسب مقارنة الزّمان ، لا بالزّمان.
<٢٩> استيناس تنظيريّ
أما أسمعناك : أنّهم يقولون : أنّ للمنتسب إلى الزّمان اسوة فى الأحكام بالمنتسب إلى أحكام المكان من سبب مضاهاتهما اللّذين هما المنسوب إليهما. فإذن التاث عليك وحدّثك فى الحكم بأنّ الزّمان قارّ الذّات والوجود باعتبار الحصول فى وعاء الدّهر (١٥٨) غير قارّ الذات والوجود باعتبار قطر امتداده الّذي يوافق وجود الزّمانيّات ، فاعتبر الأمرين أنّ الجسم المتصل بعد قارّ الذّات من حيث تجتمع أجزائه بحسب الوجود فى افق الزّمان ، فيحصل معا فى آن واحد وفى زمان واحد وإن لم يكن هى حاضرة باعتبار نسبة وجودها إلى وعاء المكان بحيث يصحّ أن يجتمع فى حدّ من حدوده.
فأجزاء الجسم المتمكن إذا كانت شاعرة بأنفسها مدركة لأمكنتها كانت طامة أنّ أمكنتها غير قارّة الذّات ، لكونها غير مقترنة بحسب الحصول فى أقطار الامتداد المكان الّذي هو وعاء جملة المكانيّات من حيث إنّ أجزاء المكان غير جائزة التّحقق فى حدّ واحد ، وإن كانت قارّة الذّات والحصول بحسب الوقوع فى قطر امتداد الزّمان الّذي هو افق وجود جملة الزّمان ولا شطط.
فقد اختلف الشأن بحسب اختلاف الموقعين ولا قرار الذّات من جهة سلب الماهيّة المكانيّة وقرار الذّات من جهة إثبات المعيّة الزّمانيّة ، فكذلك غير قارّ الوجود وفى قطر افق الزّمان قارّ الحصول فى وعاء الدهر. ولا شطط