وجودها لبارئها وحضورها عنده وبالنّسبة إلى المرتفع عن كدرة المادّة ، كضرب من ملائكة اللّه المقرّبين ، بل بحسب الوجود الّذي هو حصول الشّيء باعتبار الوقوع فيه فى وعاء الدّهر، فليس بينها تعاقب أصلا ولا بين الزّمانيّات مطلقا ، بل إنّها قاطبة سواسية الأقدام فى ذلك الحضور ومتضاهية الأحكام بحسب ذلك الحصول.
فقد تفقّهت أنّ الموجود الغير القارّ إنّما يكون لذاته ووجوده وصفا للاّقرار حدوثا وبقاء إذا لوحظ بحسب الوقوع فى افق التقضّى والتّجدّد بما هو متقضّ متجدّد. وأمّا إذا اعتبر بحسب الوقوع فى وعاء الدّهر والحضور عند مبدع الكلّ وبالنّسبة إلى المراتب المرتفعة عن الوقوع فى افق الزّمان ، فهو قارّ الذّات على أنّ لذاته ووجوده وصف اجتماع الأجزاء المفروضة فى الحضور والتّحقّق ، لا اجتماعا فى زمان أو آن ، بل فى أصل الوجود الّذي لا يعقل فيه امتداد فى زمان أو اختصاص بآن واحد. فقرار الذّات على هذا الوجه ليس مقابلا للاّقرار الذّات على ذلك الوجه ؛ فإنّ قرار الذّات قد اعتبر فيهما بمعنيين مختلفين ، فأوجب أحد المعنيين وسلب المعنى الآخر.
فإذن ، الموجود يغاير الغير القارّ فى نفسه على معنى أنّ أجزاءه المفروضة غير واقعة فى حدّ بعينه من حدود التّقضّى والتّجدّد قارّ فى وعاء الدّهر وعند الموجود الحقّ على معنى أنّ تلك الأجزاء متحققة حاضرة معا لا فى زمان ولا فى حدّ ، بل معيّنة خارجة عن الشّيء بحسب الاقتران فى حدّ ، والموجود الحقّ يعلم أنّ القارّ عنده وفى وعاء الدّهر على المعنى الخارج إدراكه عن طور طاقة الوهم غير قارّ فى افق التقضّى والتّجدّد على المعنى الّذي يتعرفه الجمهور.
وكذلك حال المرتسم فى المشاعر الذّهنيّة والخياليّة من الحقيقة الغير القارّة أو حدوث ارتسامه على التّدريج السّابق إلى ما فى نظر افق الزّمان وبحسب ذلك يوصف بعدم قرار الذّات من جهة الحدوث فقط دون البقاء.
وأمّا بالنّسبة إلى الحضرة القدسيّة والجنّة الفردوسيّة وبحسب الوقوع فى وعاء الدّهر فليس إلاّ قارّ الوجود ، حاضر الأجزاء بالمعنى الأدقّ من متصوّرات الجمهور.
فإذن ، قولهم : إنّ ما يتجدّد من الزّمان فإنّما يوجد على سبيل وجود الامور فى