<٣١> تذييل فيه إعضال وتحصيل
كأنّك الآن تأهّبت أن تستيقن أنّه لمّا كان الوجود من حيث هو وجود ليس يتصف بالامتداد واللاّامتداد (١٥٩) بل إنّما من حيث مقارنة الزّمان وطرفه. وكذلك العدم ، فلا يمكن ارتفاع الموجود الزّمانىّ المنقطع الوجود عن وعاء الدّهر ؛ لأنّه إنّما ينقطع من حيث مقارنته لزمان معيّن دون غيره ، فلا يكون ممتدّا مستمرّا فى غير ذلك الزّمان.
فهو ، إذن ، إنّما يرتفع من حيث الاستمرار ، فلا يستمرّ فى الأزمنة الّتي هى بعد زمان وجوده. فليس هو يرتفع عن الواقع من حيث هو وجود فى الواقع ، بل إنّما يرتفع من حيث هو مستمرّ. وإنّما كان يرتفع عن الواقع رأسا لو كان يرتفع عن زمان الوجود أيضا ، وهو محال ؛ وإلاّ لزم التّناقض. فإذن ، انقطاع الوجود لا يتصوّر إلاّ للحوادث الزّمانيّة وبحسب افق الزّمان.
وأمّا العدم ، فهو يرتفع عن وعاء الدّهر. وذلك لأنّ الجائزات الغير الزّمانيّة كانت باطلة معدومة فى الواقع عدما هو ليس صرف غير ممتدّ وغير غير ممتدّ ؛ ففعلها جود الجاعل وأبدعها صنعه. فارتفع ذلك البطلان والعدم عن الواقع بالمرّة إذا لم يكن ذلك العدم زمانيّا حتّى يصحّ أن يقال : إنّه لم يرتفع عن زمانه ، بل إنّما هو مرتفع فى زمان آخر بعد ذلك الزّمان. وذلك ليس ارتفاعها ذلك عن الواقع ولا هو انقطاع فى وعاء الدّهر وإن كان ارتفاعا عن بعض الأزمنة وانقطاعا فى افق الزّمان ، على قياس ما تلى عليك فى وجود الزّمانىّ ، بل كان عدما صريحا وبطلانا ساذجا غير متعلق بالزّمان أصلا ، بل هو عدم الزّمان والزّمانيّات وجملة الجائزات جميعا وغير متصوّر فيه الامتداد واللاّامتداد بوجه من الوجوه.
فلا يعقل حصول التقرّر والوجود الّذي لا يتصوّر فيه أن يتعلق بزمان أو آن أو بجملة الأزمنة ولا أن يكون مستمرّا استمرارا زمانيّا أو دفعيّا دفعيّة آنيّة فى الواقع وفى وعاء الدّهر للمعلولات الدّهريّة الغير الزّمانيّة إلاّ بأن يرتفع ذلك البطلان