الامتدادات الجسمانيّة بالنّسبة إلى عدم الأبعاد المسافيّة ، ماديّة كانت أو مجرّدة ، عند انتهاء تلك الامتدادات بحسب الوضع على خلاف ذلك.
فالأبعاد المكانيّة إنّما تنتهى بالعدم المحض الّذي هو اللاّخلاء واللاّملأ المكانىّ بأطرافها فقط ، لا بذواتها وبهويّاتها الامتداديّة وبكلّ جزء من أجزائها. والجرم الأقصى إنّما ذلك العدم فوقه فلا محالة له سطح وراءه العدم الصّرف الّذي هو انتفاء الأبعاد المكانيّة الماديّة والمجرّدة فوق الفلك الأقصى.
فالجرم الأقصى إنّما يصحّ أن يقال : إنّ امتداده منته فى تماديه إلى ذلك العدم ، لا أنّه مسبوق بذلك العدم ، وكذلك سائر الأجسام والمسافات بأبعادها وامتداداتها ؛ لأنّ ذلك العدم ليس هو انتفاء ذوات الأبعاد والامتدادات فى أنفسها على الإطلاق ، بل هو انتفاء تمادى مقدارها ، فلا يلزم من ذلك انتفاء وجودها فى الواقع ، بل إنّما يلزم انتفاء تماديها وراء نهاياتها الوضعيّة. فلذلك ليست هى مسبوقة بذلك العدم ، بل هى منتهية إليه فقط ، لا هو عدم ذات المقدار فى الأعيان ، بل هو عدم امتداد المقدار فوق حدّ وضعىّ بعينه.
وأمّا العدم الّذي يصحّ أن يقال : إنّ الأبعاد المسافيّة والامتدادات الجسمانيّة مسبوقة به ؛ فهو بطلان ذواتها وانتفاء هويّاتها فى الواقع بحسب أنفسها ، لا بحسب تماديها فى الإشارة الحسّية. فهذا العدم لا تخصص له بحدّ من حدود الامتداد ، بل نسبته إلى الطرف كنسبته إلى الكلّ. والعدم الّذي هو وراء طرف الامتداد وينتهى إليه الامتداد على خلاف تلك المشاكلة.
والزّمان كم غير ذى وضع ولا يتصوّر له عدم لا يكون هو مسبوقا به ، وإنّما يكون منتهيا إليه فقط. فليس ذلك إلاّ شأن الكميّات المتصلة القارّة الّتي يعرضها الوضع.
فعدم الزّمان هو بطلان ذاته فى نفسه قبل تقرّره فى وعاء الدّهر ، وهو ليس مطلق بسيط لا يعقل فيه الامتداد واللاّامتداد بوجه من الوجوه. والزّمان بنفسه وبجميع اجزائه وحدوده مسبوق به ، وهو بالإضافة إلى ذلك كلّه على نسبة واحدة. فلذلك لا يعقل أنّه فى جهة امتداد الزّمان ، بحيث لو انبسط الزّمان فى تماديه لانطبق