العثرة. ألست قد مهّدت لك فى قسطاس الفرديّة : ما إن أخذت الفطانة بيدك لفطّنك أنّ نفس هذا العقد إنّما يكون فردا لموضوعه من حيث إنّه طبيعة الكلام فى هذه السّاعة مع قيد ما يخصّص تلك الطبيعة ، لا من حيث إنّه حمل فيه خصوص هذا المحمول على هذا الموضوع ؛ فإنّ ذلك مناط خصوصيّة الفرديّة ، لا معيار سنخ الفرديّة ، على ما تعرّفت من قبل.
والآن لست أظنّك متشكّكا فى أن ما يجلب سراية الحكم على العنوان إلى ما هو من أفراده إنّما هو سنخ الفرديّة ، لا خصوص هذه الفرديّة ؛ فإنّ خصوص كون الشّيء هذا الفرد بخصوصه اعتبار فيه غير اعتبار كونه فردا ، والاعتباران مفصول أحدهما عن الآخر فى لحاظ التّعيّن والإبهام الّذي هو بعينه ظرف الخلط والتّعرية باعتبارين. وما بحسبه سراية الحكم على العنوان إلى الفرد إنّما هو اعتبار كونه فردا منه ، لا اعتبار أنّه هذا الفرد بخصوصه.
ولعلّ ذلك ممّا لا يتجاوزه من جبل على فطرة غير سقيمة ، فضلا عمّن يكون فى نفسه قوّة طابخة للفلسفة ولعقله أشعّة منضجة للحكمة.
فإذن ، نفس هذا العقد ، مع عزل النّظر عن خصوص هذا المحمول ، يدخل فى سنخ ما هو فرد هذا العنوان. فإنّما يسرى الحكم إليه من تلك الحيثيّة ، وهو معزول بحسب تلك الحيثيّة عن خصوصيّة ذلك المحمول بخصوصه ، إذ خصوص المحمول إنّما هو بحسب اعتبار خصوص الفرديّة وليست السّراية بحسب ذلك الاعتبار. وإنّما استلزام الصّدق للكذب وبالعكس باعتبار خصوص المحمول ، لا بالاعتبار الّذي بحسب السّراية. فإذن قطع دابر القوم الّذين ظلموا أنفسهم بإبارة الحكمة وإثارة الظّلمة ، والحمد للّه ربّ العالمين.
وبمثل ذلك ينحلّ عقد الإعضال فيما استصعب من الشّكوك. وهو أنّا إذا لاحظنا مجموع النّسب بحيث لا يشذّ عنها نسبة ، أعنى معروض الهيئة الاجتماعيّة ، وجدنا نسبة هذا المجموع إلى كلّ من أبعاضه داخلة فيه ، لكونها من النّسب ، فتكون متقدّمة عليه تقدّم الجزء على الكلّ ، مع أنّ النّسبة يجب أن تكون خارجة عن