هى المطابق ـ بالكسر ـ والحقّ حالها بقياس الواقع إليها بالمطابقة ؛ وباعتبار الأمر نفسه إليها على أن تكون هى المطابق ـ بالفتح ـ وللحقّ إطلاقات أخر جرت فى سالف الذّكر وتعاد فى مستأنف القول إن شاء اللّه.
وأمّا النّسب العقديّة فى الأذهان العالية الّتي هى الأنوار المفارقة الشّاهقة المرتفعة عن أفق الزّمان ، فأمرها فى الصّدق أرفع وأعلى من ذلك كلّه ؛ فإنّ علم الأنوار العقليّة والمفارقات النّوريّة أجلّ من أن يوصف بالصّدق.
وإنّما هو قراح الحقّ ، بمعنى أنّه الواقع الّذي به يقاس الصّدق والتّحقّق ، لا المطابق للواقع الّذي (٢٣) هو الصّادق والمتحقق. وعساك أن تتعرّفه إذا كرّرت عليك اصول ضوآنيّة فى فصول برهانيّة.
وممّا يلتحق بهذا المقام : المعضلة الملقّبة ب «الجذر الأصمّ» ، وهى الدّاء العضال الّتي أعيت الأسلاف والأخلاف ، من الّذين هم الآباء الرّوحانيّة والأطبّاء لأدواء الفنون الميزانيّة والعلوم البرهانيّة ؛ وهى : أنّ صدق الحكم أو كذبه لو كان بمطابقة الخارج ونفس الأمر أو عدمها لم يكن يجتمع الصّدق والكذب فى نسبة عقديّة بعينها ؛ لكنّهما قد يجتمعان ، كما فى قول القاتل : «كلّ كلامى فى هذه السّاعة كاذب» ، إذا لم يتكلّم تلك السّاعة بغير هذا الكلام ؛ فإنّه عقد حمليّ وصدقه مستلزم لكذبه ، وبالعكس ؛ لكون نفسه من أفراد موضوعه ، فيسرى إليه الحكم عليه بالكذب ضرورة ، بل ليس له فرد موجود أو موهوم إلاّ نفسه. وليس صدقه إلاّ بسراية الكذب المحكوم به على العنوان إليه ، ولا كذبه إلاّ بانتفاء الكذب المسلوب عن العنوان عنه.
ولهم فى التّعبير عنها وجوه وتقريرات ، وفى سبيل التّفصّى عن إعضالها حيل وتدبيرات. وكيف أصف كم زلّت فيها أقدام أقوام ، من متقدّمة المحققين ومحققة المتقدّمين ومتعسّفة المتفلسفين ومتفلسفة المتأخّرين. وأقربهم إلى مندوجة الصّواب وإصابة الحقّ من اعترف منهم بالعجز.
ولقد حلّلت العقدة ببعض ممّا آتانى ربّى من الحكمة ، ثمّ عصمنى بفضله من