فالتّأخّر بالزّمان مثلا ، إنّما هو بالوجود فى افق التّقضّى أخيرا من غير أن يعتبر فى ذلك استحقاق الشّيء بذاته أن يكون متأخّرا فى الوجود لعلاقة ذاتيّة من تلقاء افتياق ذاته إلى الشّيء المتقدّم وتوقّفه عليه فى التّجوهر والوجود ، بل لمجرّد اعتبار التّعاقب فى الحصول فى افق التغيّر. فلفظة «الاستحقاق» ـ حيث قال : ما يكون باستحقاق الوجود ؛ ولم يقل: ما يكون بالوجود ـ هى المنبّهة على هذا الامتياز والافتراق.
<١٢> شكّ وتوهين تحقيقيّ
قال مثير فتنة التّشكيك فى المباحث المشرقيّة : «فإن قيل : تقدّم العلّة على المعلول إمّا أن يكون لماهيّتها أو لنفس العليّة والمعلوليّة أو لمجموع الأمرين ، أعنى الماهيّة مع اعتبار العليّة والمعلوليّة.
والأوّل باطل ؛ لأنّ حركة اليد إذا اعتبرت من حيث إنّها حركة اليد ، واعتبرت حركة الخاتم من حيث إنّها حركة الخاتم لم يكن بينهما تأخّر وتقدّم أو معيّة ؛ لأنّ كلّ ماهيّة إذا اعتبرت من حيث هى ، فهى لا متقدّمة ولا متأخّرة ولا مفارقة ، كما عرفت فى باب الماهيّة.
والثّاني أيضا باطل ؛ لأنّ العليّة والمعلوليّة وصفان إضافيّان ، فيكونان معا فى الوجود ، فيستحيل أن يكون لأحدهما تقدّم على الآخر.
وهكذا القول فيما إذا جعل التّقدّم باعتبار المؤثّريّة والمتأثّريّة ؛ لأنّهما وصفان إضافيّان ، فيكونان معا. وإذا كانت من حيث هى هى غير متقدّمة ولا من حيث إنّها علّة متقدّمة امتنع أن يكون للمجموع تقدّم. فنقول : إنّا لا نعنى بهذا.
تمّت.