الميزان ؛ لكن لا على الإطلاق ، بل من حيث يتوصّل بها من معلوم إلى مجهول أو ينتفع بها فى ذلك الاتّصال.
والنّظر فى إثبات تقرّرها مطلقا وأنّها هل لها وجود فى الأعيان أو فى النّفس ، وأنّ لها صلوحا للإيصال أو النّفع من وظائف علم ما بعد الطّبيعة ، فإنّه يبيّن أنّ الكلّىّ قد يكون نوعا وقد يكون جنسا وقد يكون فصلا ، وقد يكون خاصّة ، وقد يكون عرضا عامّا.
فإذا ثبت فيه الكلىّ الجنسىّ والكليّ النّوعىّ صار الكليّ حينئذ بهذه الشّريطة وتلك الحيثيّة موضوعا لعلم الميزان. ثمّ ما يعرض للكلّي بعد ذلك من لوازمه وأعراضه الذّاتيّة يثبت فى علم الميزان. والجهات أيضا شرائط تصير بها المعقولات الثّانية أو الثّالثة موضوعة لعلم الميزان.
فإذا علم أنّ الكلّىّ (٢٦) قد يكون واجبا وقد يكون ممكنا وقد يكون مطلقا ، جعل بذلك الكلّىّ موضوعا له. وأمّا تحديدها وتحقيق ماهيّاتها فيكون فيه لا فى العلم الأعلى ، كما فى تحديد موضوعات سائر العلوم.
والمعقولات الثّانية ، ريثما تستعمل فى حكمة ما بعد الطبيعة ، حيث يقال : مفهوم كذا من المعقولات الثّانية ، ومفهوم كذا ليس منها ، فإنّما تؤخذ على وجه أعمّ ممّا تلونا عليك. فهى العوارض الانتزاعيّة الّتي لا تحمل على شيء ممّا فى الأعيان على أنّها هو أو من الذّاتيّات له ، كما فى الصّفات العينيّة ولا يحاذى بها خصوص حال فى الوجود العينىّ ، كما فى الإضافات والسّلوب المنتزعة من الشّيء بحسب حاله فى نحو وجوده العينىّ ولا يكون عروضها لمعروضها من جهة اقتضاء من طبيعته لذلك ، كما فى لوازم الماهيّة ، وهى كالوجود والنّسبة والإمكان والوجوب. وكذا الماهيّة والموجود والشّيء والممكن والواجب ومشاكلاتها.
ولا يختلف مفهوم واحد ثانويّة المعقوليّة وأوّليّتها باختلاف ما اضيف إليه من الحقائق العينيّة وما هو معقول ثان لا تكون حقيقته متأصّلة من الأعيان أصلا ، بل تكون الحقيقة إمّا الإنسان والحيوان أو الفلك مثلا ، ثمّ ينتزع منها الوجود أو الشّيئيّة فى