بما يستغرقها من طبيعة الإمكان من لوازمها المسبوقيّة فى تجوهر سنخ الحقيقة وتقرّر قوامها وفى تأيّس ذواتها باللّيس المطلق البسيط المستوعب مسبوقيّة دهريّة إزاء لسبق الجاعل عليها سبقا سرمديّا بحسب وعاء الدّهر والسّرمد. وذلك من جهة الحدوث الدّهرىّ.
وينقلب ذلك السّبق حيث تتجوهر الماهيّة وتتقرّر بأن يبدعها الجاعل ، فتتأيّس معيّة سرمديّة. ولها أيضا ـ حين ما هي متقرّرة مسبوقيّة بذلك العدم المستوعب ـ مسبوقيّة بالذّات وبالجاعل مسبوقيّة بالمعلول مع المعيّة السّرمديّة. وذلك من جهة الحدوث الذّاتىّ ، والحكمان يستغرقان قاطبة الممكنات.
فالماهيّة المعلوليّة الممكنة ـ حين ما هى بالفعل من جنبة جود الجاعل ـ لها معنى ما بالقوّة من جهة فقر الذّات. فلها فى الآزال والآباد شرّيّة العدم بالإمكان من حيث الذّات وإن كانت هى بعينها ما بالفعل من جنبة فضل العلّة الجاعلة ، وهذه هى حيثيّة الخيريّة بالفعل. ولها أيضا شوب شرّيّة العدم السّابق عليها سبقا سرمديّا ؛ إذ الحقيقة المتقرّرة الإمكانيّة فى سنخ طباعها سبق العدم عليها ذلك السّبق ، كما أنّ فى سنخ طباعها سبقه عليها السّبق بالذّات بحسب المرتبة فى لحاظ العقل. حين إذ هى متقرّرة مخلوطة بالإيسيّة بحسب نفس الأمر.
وشائبتا هاتين الشّرّيّتين من اللّوازم الضّروريّة للمعلولات ولا تنسلب عنها فى حكم العقل مع استثبات الملزومات فى لحاظة الذّهن ، كسائر لوازم الماهيّة الممتنع سلخها عنها (٣١) ، كما يمتنع سلخ الزّوايا عن المثلّث لما كانت من لوازم ذاته المعلولة لماهيّته.
ولكن لا يستنكر أن يغتفر مثل هذه الشّريّة بكلا ضربيها ، لكونها غير عريّة عن اقتران الخيريّة من جهة الأيسيّة بالفعل وإن كانت من جنبة الجاعل ، فيعبّر عنها بفاقريّة الذّات وبطلان الحقيقة ونقصان الماهيّة.
فلذلك ما أنا ربما لا أمنع بل أستصحّ أن يقال : ما فى عالم الأنوار ، وهو عالم الملكوت ، أعنى الأنوار العقليّة والمفارقات النّوريّة ، بريئة عن وجوه الشّرّية ؛ بل إنّما