وجوده مستمرّ من الأزل إلى الأبد. وتقرّره فى زمان تقرّره ضروريّ لا يرتفع عن ذلك الزّمان حتى تكون فيه المتناقضان.
فإذن ، ربّما يختصّ وجود الحادث الزّمانىّ بزمان أو حدّ ، فيظنّ طرء العدم عليه بعد ذلك. والفحص يكشف أنّ ذلك العدم فى الآزال والآباد وأنّ الوجود فى زمان الوجود لا يرتفع عن وعاء الدّهر ، ولا يعزب عن حضرة الجاعل وأنّ انقطاع الحصول فى أفق الزّمان، لعدم الفيضان عن الجاعل فيما بعد ، لا لارتفاع ذلك الوجود الفائض.
وبالجملة ، الحادث المنبتّ الوجود يتّصف بالوجود الّذي له فى قطعة بخصوصها من الزّمان وذاته باطلة مرتفعة فى غير زمان وجوده بحسب نفس الأمر من الآزال إلى الآباد ، ولا يتصوّر عدم (٤٢) طار على الذّات المتقرّرة اصلا. بل اختصاص التّقرّر الذّات ببعض من الزّمان منته من الجانبين ، فحسب.
فإذن ، ليس لذات ما عدم طار ولا ذات فى العدم قبل أو بعد ، بل إنّما ذات شخصيّة فى زمان بعينه ووجود شخصىّ لها مختصّ بذلك الزّمان ، ويمتنع أن يكون وجود آخر لتلك الذّات الشّخصيّة بعينها فى زمان آخر ، بل إنّما يكون لو كان لمثل تلك الذّات لا لها بشخصيّتها ، وإلاّ لكان وجودان لموضوع شخصىّ بعينه ولزم أن يمكن لنفس ذات ذلك الموضوع الشّخصىّ فى لحاظ العقل أن يكون له بعينه وجودات متضاعفة لا إلى انتهاء فى أزمنة متجدّدة غير منتهية ، وليس ممّا تتكلّفه القوّة النّظريّة مع السّلامة الغريزيّة لطباع الفطرة العقليّة. فإذن ، لا يعاد المعدوم إلاّ بمثله ، لا بعينه.
<١٨> استقصاء
إنّ ما نهجناه لهو سبيل الفحص على سنّة الحكمة اليمانيّة وإنّ شركاءنا الّذين سبقونا بالصّناعات البرهانيّة من رؤساء الفلاسفة الإسلاميّة واليونانيّة قد حاولوا تبيان الأصل بإيضاحات محصّلة حكميّة ، لست برادعهم عن شيء منها ، بل مصوّبهم ومثن عليهم ، بما أسبغوا النّظر على الوجه الأوفى وبلغوا بالبحث الأمد الأقصى على